في إطار ملف تحقيق تعده جريدة “كواليس الريف”، يسلط الضوء على الفساد والتواطؤ المنتشر في إقليم الناظور، والذي سينشر عبر حلقات ، حيث تتشابك المصالح بين كبار الفاسدين والبارونات في المنطقة. من خلال استعراض مشروع “كرامة روسيكلاج” الذي يُعتبر نموذجًا للفشل والإهمال في إدارة المشاريع الاجتماعية والاقتصادية، في الحلقة الأولى: نكشف النقاب عن شبكة فساد يديرها بارون المخدرات نور الدين شيكار، وارتباطاته المشبوهة مع شخصيات نافذة في المنطقة.
يعتبر مشروع “كرامة روسيكلاج” لتدوير الملابس المستعملة والمستوردة من الخارج، الذي يتواجد.بميناء بني أنصار، نموذج صريح للفشل والإهمال في إدارة المشاريع الاجتماعية والاقتصادية. هذا المشروع، الذي كان يُفترض أن يعزز من التنمية المحلية ويوفر فرص عمل لشباب المنطقة، تحوّل إلى أداة من أدوات الفساد والتواطؤ، ليكشف عن شبكة علاقات مشبوهة بين رجال أعمال ومسؤولين محليين.
من يقف وراء هذا المشروع ؟ نور الدين الشيكار، أحد أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في المنطقة، والذي يعرفه الكثيرون بارتباطه بعدد من الجرائم الاقتصادية والاجتماعية. شيكار، الذي تم التحقيق معه في إسبانيا بتهم تتعلق بتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، هو نفسه من أطلق مشروع “كرامة روسيكلاج” بالتواطؤ مع رئيس الجهة الشرقية عبد النبي بعيوي، الذي اعتُقل في وقت سابق على خلفية قضايا فساد واتهامات بتورطه في نشاطات مشبوهة ذات علاقة بتهريب المخدرات.
ما كان يُفترض أن يكون مشروعًا اجتماعيًا يسهم في الحد من الفقر ويوفر فرص عمل للشباب، أصبح مع مرور الوقت جزءًا من إمبراطورية الفساد التي يديرها شيكار. ورغم أن المشروع كان يرتكز على تدوير الملابس المستعملة، إلا أنه تم استغلاله بشكل سيئ في غياب رقابة حقيقية، ليظل يحوم حوله العديد من التساؤلات بشأن مصادر تمويله وآليات عمله.
ليس مشروع “كرامة روسيكلاج” الوحيد في إمبراطورية الشيكار. فقد قام هذا الأخير بتأسيس العديد من المشاريع الأخرى، مثل شركة لتأجير السيارات الفاخرة مسجلة باسم ابنه “أشرف شيكار”، الذي يعتبر أيضًا أحد الشخصيات المثيرة للجدل في المنطقة. ابن نور الدين، الذي سبق ان اتهم بجرائم خطيرة، حيث قام بدهس أحد الشبان الذين كانوا يعملون لديه في مشروع تأجير السيارات الفاخرة والدراجات في حي المطار بالناظور. وقد اعتُقل في وقت سابق بسبب استعراضات خطيرة بسياراته الفارهة، مما يعكس حالة الفوضى واللامبالاة التي تحكم هذه المشاريع.
وفي خطوة تهدف لتلميع صورته، قام “أشرف الشيكار” بمحاولة جديدة لاستقطاب الانتباه، حيث قام بالتعاون مع أحد المؤثرين في السوشيال ميديا بالريف للترويج لشركة تأجير السيارات الخاصة به من خلال إعلانات على منصات التواصل الاجتماعي. هذه الخطوة، التي تحمل في طياتها محاولة فاشلة لتحسين الصورة العامة للوالد وابنه، تأتي في وقت حساس، حيث يواجه المشروع والشخصيات المرتبطة به سلسلة من الانتقادات والاتهامات بالفساد.
وفي الوقت الذي يظل فيه المواطنون يعانون من مشاكل اقتصادية واجتماعية في الناظور، يبقى السؤال الكبير: أين هو دور السلطات في التصدي لهذه الممارسات غير القانونية التي تهدد استقرار المنطقة؟ كيف يمكن للمشاريع الاجتماعية أن تحقق النجاح إذا كانت تحكمها شبكة من الفساد والتواطؤ بين رجال الأعمال والمسؤولين؟ للأسف، يبدو أن هذه الأسئلة تظل دون إجابة حقيقية.
09/03/2025