في خطوة غير مسبوقة أثارت استياءً كبيرًا في صفوف المواطنين بالناظور، بات موضوع جمع التبرعات في المساجد يشكل قضية حساسة ومتجددة. فعلى الرغم من أن المساجد تمثل صروحًا دينية وروحية تشهد على تقاليد المجتمع المحلي، إلا أن ممارسات جمع التبرعات التي تُنفذ بشكل غير شفاف تُثير العديد من التساؤلات، بل وتدفع البعض إلى الاستنكار العلني من قبل الجمهور المحلي.
تزايدت في الآونة الأخيرة الشكاوى من المواطنين الذين يرون أن الأموال التي يتم جمعها تحت مسمى “التبرعات” لا يتم الإعلان عن طريقة صرفها أو مراقبتها بالشكل الصحيح.
ففي الوقت الذي تجتهد فيه بعض المساجد لجمع الأموال في المناسبات الدينية الكبرى كرمضان والأعياد، يبقى السؤال الأبرز : أين تذهب هذه الأموال؟ وكيف تُصرف؟ وأين هي الشفافية التي من المفترض أن تميز هذه العمليات؟
ما يثير الاستنكار أكثر هو غياب آليات رقابية واضحة تضمن أن الأموال التي يتم جمعها تُستخدم في الأغراض التي جُمعت من أجلها، مثل صيانة المسجد أو دعم الأنشطة الدينية والاجتماعية. وفي وقت يُقال فيه إن هذه التبرعات تُسخر لتحسين ظروف المساجد، لا يزال المواطنون في الناظور يتساءلون: “أين تذهب أموالنا؟”. فما يحدث الآن يشير بوضوح إلى أن الأموال المجمعة لا تحظى بأي نوع من الرقابة الحقيقية، وهذا ما أدى إلى حالة من التذمر بين المتبرعين والمصلين على حد سواء.
كما أن البعض يطالب بكشف التفاصيل حول المبالغ التي يتم جمعها في المناسبات المختلفة، بل ويطالب بوجود تقارير مالية دورية تكون متاحة للجميع، فالمجتمع يحتاج إلى ضمانات أن الأموال التي يدفعها المصلون يتم توجيهها بشكل عادل وشفاف، ويستفيد منها الجميع دون استثناء.
المؤسف في الأمر أن بعض المساجد تواصل جمع الأموال بشكل روتيني، مع العلم أن العديد من المصلين والمرتادين لهذه الأماكن يطالبون برؤية محاسبية واضحة وسلسلة من الشفافية في التسيير. فالمواطن أصبح يشعر بأنه مجرد أداة لدعم المساجد دون أن يعرف أي شيء عن كيفية استخدام هذه الأموال، وهذا يعزز شعوراً بالضيق العام.
الأدهى من ذلك أن تلك الأموال المجمعة غالباً ما يتم التذرع بها لتغطية تكاليف “الشرط” أو “المناسبات” الدينية التي تقام في المسجد، مع غياب أي نوع من الرقابة أو المراقبة للمبالغ المتدفقة. وهذا يعكس حالة من الفوضى في الإدارة المالية للمساجد، ويجعل من الصعب على المواطنين أن يثقوا في إدارة الأموال المجمعة تحت أي ظرف من الظروف.
الاستنكار الشعبي اليوم في الناظور ليس من قبيل الصدفة، بل هو نتيجة طبيعية لما يحدث من غياب للرقابة والمحاسبة على الأموال المجمعة في المساجد. يجب أن يكون هناك إجابة شافية للمواطنين حول كيفية استخدام التبرعات وأين تذهب الأموال. ولابد من تغيير جذري في الطريقة التي تدار بها هذه العمليات، بدءًا من زيادة الشفافية وحتى الرقابة الفعلية لضمان حقوق المواطنين والمصلين.
09/03/2025