شهدت عمليات ترحيل المهاجرين في وضعية غير نظامية بإسبانيا انخفاضًا تدريجيًا منذ عام 2019، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للشرطة عبر بوابة الشفافية. فبينما بلغ عدد المرحّلين 3,287 شخصًا خلال عام 2019، لم تتجاوز هذه العمليات 894 حالة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، ما يعكس تحولًا في السياسة المعتمدة تجاه الهجرة غير النظامية. ويرتبط هذا التراجع بجملة من العوامل، أبرزها التعقيدات اللوجستية، وتعثر التعاون مع دول المنشأ، إلى جانب التطورات المرتبطة بتزايد تدفقات الهجرة نحو الأراضي الإسبانية.
هذا التوجه التنازلي يأتي في أعقاب ذروة شهدتها عمليات الترحيل بين عامي 2016 و2018، حيث بلغ العدد أعلى مستوياته بـ3,512 حالة خلال 2018، قبل أن تتراجع الأرقام بشكل واضح مع تفشي جائحة كوفيد-19، التي فرضت قيودًا مشددة على التنقل الدولي. ورغم تسجيل انتعاش طفيف بين عامي 2021 و2022، إلا أن المنحى التراجعي استمر، متأثرًا بصعوبات الحصول على وثائق الهوية اللازمة لتنفيذ الطرد، إضافة إلى عراقيل إدارية وقانونية تفرضها التشريعات الإسبانية والأوروبية، التي تشدد على احترام حقوق الإنسان وضمان إجراءات عادلة لكل حالة على حدة.
وأثار هذا الانخفاض المستمر في أعداد الترحيلات جدلًا سياسيًا واسعًا، حيث انتقدت المعارضة، ممثلة في الحزب الشعبي، سياسة الحكومة الحالية، متهمة إياها بعدم اتخاذ إجراءات صارمة للحد من الهجرة غير النظامية. في المقابل، دافع وزير الداخلية فرناندو غراندي-مارلاسكا عن التوجه الحكومي، مؤكدًا أن تقليص الترحيلات يعكس نهجًا أكثر إنسانية يتماشى مع قيم الاتحاد الأوروبي، ويركّز على تنظيم أوضاع المهاجرين المقيمين وتعزيز مكافحة شبكات تهريب البشر. ومع استمرار هذه الاتجاهات، تبقى مسألة الهجرة غير النظامية ملفًا شائكًا في إسبانيا وأوروبا، وسط تباين الرؤى حول أنجع السبل لمعالجة الظاهرة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والإنسانية المتصاعدة.
10/03/2025