في خضم التحولات المتسارعة التي تشهدها الساحة السياسية العالمية، يواجه المغرب تحديات دبلوماسية معقدة تتطلب منه توجيه سياسته الخارجية بحذر وواقعية. ففي ظل التوترات المتزايدة بين واشنطن وأوروبا، ما يسمى بـ “الطلاق الأمريكي الأوروبي”، بدأت تظهر ملامح عالم جديد يرتكز على المصالح الوطنية وصعود مفهوم الدولة القومية. هذه الديناميكيات تفرض على المملكة ضرورة إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية بما يتماشى مع هذه التغيرات، مع الحفاظ على مصالحها العليا في هذا الإطار العالمي المتغير.
المغرب، الذي عمل منذ استقلاله على بناء علاقات دبلوماسية متوازنة مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يجد نفسه اليوم أمام محك دقيق يتطلب ضبطًا حذرًا لعلاقاته الدولية. فبينما يسعى إلى الحفاظ على استقلالية قراره الوطني وعدم التورط في صراعات دولية، يتعين عليه التكيف مع الوضع الجديد الذي قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية. من هذا المنطلق، يرى الخبراء أن المغرب يجب أن يواصل التزامه بالقيم الدولية مثل السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع تعزيز استقراره الأمني والدبلوماسي.
وفيما يشير بعض المحللين إلى الفرص التي قد يتيحها التوتر الأمريكي الأوروبي للمغرب، مثل تعزيز شراكاته الاستراتيجية مع واشنطن في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، فإن هناك تحديات تظل قائمة. فالمغرب مطالب بالحفاظ على توازن دقيق بين مصلحته في تعزيز علاقاته مع كلا المحورين دون التأثير على أمنه القومي أو تفريطه في القضايا الوطنية الكبرى، مثل قضية الصحراء. وفي ظل هذا الاستقطاب الدولي، تبقى دبلوماسية المغرب ثابتة ومرنة، تسعى دائمًا لخدمة مصالحه الوطنية بعيدًا عن الاصطفافات العابرة أو التوترات السياسية العالمية.
10/03/2025