أثار البيان الصادر عن إدارة السجن المحلي ببني ملال، اليوم الاثنين 10 مارس الجاري، بخصوص وفاة أحد نزلائها، جدلا واسعا بسبب ما تضمنه من تناقضات واضحة، حيث نفت المؤسسة أن يكون السجين (ر.ع) قد توفي بسبب مرض معدٍ، رغم إقرارها بإصابته بداء السل، وهو من الأمراض المعدية المعروفة.
ووفق البيان، فإن السجين كان يعاني من انسداد رئوي مزمن منذ إيداعه بالمؤسسة، وخضع لمتابعة طبية مكثفة، شملت 69 استشارة داخل مصحة السجن، و27 استشارة لدى أطباء متخصصين، إلى جانب 18 فترة استشفائية بالمستشفى الجهوي ببني ملال، حيث قضى ما مجموعه 219 يوما تحت الرعاية الطبية، كما أوضحت الإدارة أنه نُقل إلى قسم المستعجلات 20 مرة، وأمضى 720 يوما داخل عيادة السجن.
ورغم هذه الأرقام التي تعكس حجم معاناته الصحية، أكدت الإدارة أن حالته تدهورت في الشهرين الأخيرين بعد إصابته بداء السل، وتم إخضاعه للعلاج وفق البروتوكول الطبي الخاص بهذا المرض، ورغم أن الطبيب المعالج قرر مغادرته المستشفى يوم 6 مارس 2025 بعد تسجيل “تحسن” في حالته، إلا أنه في اليوم التالي شعر بآلام حادة على مستوى الصدر، ليتم نقله مجددا إلى قسم المستعجلات، حيث فارق الحياة فور وصوله.
ويثير البيان عدة تساؤلات جوهرية، خاصة فيما يتعلق بمدى توفر الرعاية الصحية المناسبة داخل المؤسسة السجنية، ومدى التزامها بالإجراءات الوقائية اللازمة عند التعامل مع الأمراض المعدية، فإذا كان السجين مصابا بداء السل، فكيف يمكن للإدارة أن تنفي أن تكون وفاته ناجمة عن مرض معدٍ؟ وهل تم اتخاذ تدابير العزل الصحي لحماية بقية النزلاء والموظفين؟
كما أن الحديث عن تحسن حالته الصحية، ثم وفاته في أقل من 24 ساعة بعد مغادرته المستشفى، يطرح علامات استفهام حول دقة التشخيص الطبي ومدى ملاءمة القرارات المتخذة بشأنه، فكيف لشخص يسمح له بالمغادرة وهو لا يزال في وضع صحي هش، ليفارق الحياة في اليوم التالي؟
وأمام هذه المعطيات المتضاربة، تتزايد المطالب بفتح تحقيق نزيه ومستقل للكشف عن حقيقة ظروف وفاة السجين، ومدى التزام إدارة السجن بالمعايير الصحية والإنسانية في التعامل مع حالته، كما أن هذا الحادث يعيد إلى الواجهة قضية الرعاية الطبية داخل المؤسسات السجنية، وضرورة مراجعة السياسات المتبعة لضمان حقوق السجناء في الحصول على علاج لائق وفقًا للمعايير الدولية.
10/03/2025