تواصل الجزائر توجيه اتهاماتها للمغرب في قضية مياه وادي كير، في خطوة تضاف إلى سلسلة مزاعم تتهم الرباط بما تصفه بـ”الأعمال العدائية” … وادي كير، الذي ينبع من جبال الأطلس المغربية ويمتد نحو الجنوب الغربي الجزائري، أصبح محور نزاع جديد بعد اتهامات جزائرية للمغرب بـ”التجفيف المتعمد” لمناطق حدودية نتيجة إنشاء سد قدوسة، الذي بدأ تشغيله عام 2021. هذه المزاعم، التي طُرحت على الساحة الدولية مرتين على الأقل وفق صحيفة “لوموند” الفرنسية، أثارت نقاشًا واسعًا حول استغلال الموارد المائية المشتركة، في ظل غياب اتفاقيات واضحة لتنظيم تدبير الأحواض المائية بين البلدين، فيما يواصل المغرب الرسمي تجاهل هذه الاتهامات رغم تصاعدها دبلوماسيًا من الجانب الجزائري.
يرى عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن هذه الادعاءات ليست سوى جزء من “إستراتيجية دعائية” يتبناها النظام الجزائري لصرف الأنظار عن أزماته الداخلية، مشيرًا إلى أن تصوير المغرب كعدو خارجي يهدف إلى خلق حالة من التوتر الداخلي لتبرير سياسات القمع والاستمرار في إحكام السيطرة على السلطة. وأضاف أن الجزائر تواجه أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة، لا يمكن حلها بإصلاحات جوهرية بسبب غياب الإرادة السياسية، مستدلًا بتقارير دولية انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر، من بينها الاتحاد الأوروبي ومجلس العموم البريطاني، لا سيما فيما يتعلق بقضية حقوق القبائل.
من جانبه، أوضح الأكاديمي والمحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة أن عدم رد المغرب على هذه الاتهامات ينسجم مع إستراتيجية ثابتة تتجنب الانجرار إلى سجالات إعلامية غير مجدية، وهي سياسة أكدها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي شدد على أن المملكة لا تعير اهتمامًا للتصريحات غير الرسمية أو الخارجة عن الإجماع السياسي الجزائري. وأضاف بوخبزة أن الرباط تعتمد نهجًا متزنًا يركز على التنمية والإنجازات الدبلوماسية، بدلًا من الدخول في منازعات إعلامية أو دبلوماسية عقيمة، معتبرًا أن الجزائر تحاول تصدير أزماتها إلى الخارج عبر افتعال قضايا مع المغرب وجهات أخرى، في حين تواصل المملكة التركيز على استقرارها الداخلي وتوجيه الرأي العام بعيدًا عن الانزلاق إلى دوامة التصعيد.
17/03/2025