أثار إعلان شركة “يسير” الجزائرية عن افتتاح محلات تجارية في المغرب جدلًا واسعًا، خاصة في ظل التوترات السياسية القائمة بين البلدين ، فقد تصاعدت الأصوات الداعية إلى مقاطعة الشركة، معتبرة أن أي درهم يُصرف فيها هو بمثابة دعم مباشر للاقتصاد الجزائري، الذي تتهمه هذه الأصوات بتمويل سياسات معادية للمغرب، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
لطالما دعا العديد من المغاربة إلى مقاطعة “يسير” حتى عندما كانت تقتصر على خدمات التوصيل والتوزيع، معتبرين أن وجودها في السوق المغربية غير مرحب به. واليوم، مع دخولها قطاع المحلات التجارية، تتجدد الدعوات إلى رفض التعامل مع الشركة، وسط تساؤلات حول مدى انسجام هذا الرفض مع السياسة الاقتصادية للمملكة.
أحد أبرز الحجج التي يسوقها دعاة المقاطعة هو أن الجزائر تمنع الشركات المغربية من العمل على أراضيها، بل إنها عمدت إلى طرد مستثمرين مغاربة في عدة مناسبات، بينما في المقابل، يفتح المغرب أبوابه أمام الشركات الجزائرية، مما يُعتبر تناقضًا غير مبرر ويضر بمصلحة المغرب، على حد تعبيرهم.
لكن في المقابل، هناك من يرى أن العداء السياسي لا ينبغي أن يكون عائقًا أمام الانفتاح الاقتصادي، وأن المغرب، على عكس الجزائر، يتبنى نموذجًا اقتصاديًا منفتحًا يرحب بالمستثمرين بغض النظر عن جنسياتهم.
ففي المغرب، يعمل العشرات من رجال الأعمال الجزائريين، الذين وجدوا فيه بيئة آمنة ومناخًا استثماريًا مستقرًا، وهو ما يختلف تمامًا عن الوضع في الجزائر، حيث يعاني المستثمرون من القيود البيروقراطية وعدم الاستقرار السياسي.
وبالتالي، يرى البعض أن التعامل مع “يسير” وغيرها من الشركات الجزائرية يجب أن يكون وفق اعتبارات اقتصادية بحتة، وليس بناءً على مواقف سياسية قد تتغير بمرور الوقت.
في النهاية، يظل السؤال الأساسي: هل يُفيد المغرب اقتصاديًا السماح لهذه الشركات بالعمل داخله؟ إذا كانت تُوفر فرص عمل، وتخضع للقوانين المغربية، وتدفع الضرائب داخل المملكة، فقد يكون السماح لها منطقيًا. أما إذا كانت تُحقق أرباحًا تُحوَّل إلى الجزائر بما يخدم مصالحها المعادية للمغرب، فهنا يصبح قرار المقاطعة خيارًا استراتيجيًا مشروعًا.
الكرة الآن في ملعب المستهلك المغربي، فهو وحده من سيقرر ما إذا كان سيُقاطع أو سيدعم، وفق قناعته الشخصية وما يراه الأفضل لمصلحة بلده.
19/03/2025