يشهد المركز الاستشفائي الإقليمي بالحسيمة أزمة خانقة تهدد جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، في ظل غياب الأطر الطبية المتخصصة وسوء التسيير الإداري، مما جعل القطاع في وضع متردٍّ يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات الوصية.
ومن أبرز تجليات هذه الأزمة هو النقص الحاد في الأطباء المتخصصين، حيث يضطر مرضى جراحة الأطفال إلى السفر لمسافات طويلة نحو مدن كوجدة وطنجة لتلقي العلاج، في انتهاك صريح للحق في الصحة الذي يكفله الدستور. كما أن غياب أطباء القلب يجعل المرضى عالقين بين مواعيد مؤجلة ووعود غير مبررة، في وقت تتفاقم فيه الحالات المرضية بسبب غياب الاستجابة الفورية.
وإذا كان غياب التخصصات الطبية يشكل عائقاً أمام تقديم خدمات صحية متكاملة، فإن الفوضى الإدارية تزيد من معاناة المرضى، إذ يواجه الزائرون غيابا شبه تام لموظفي الاستقبال والإرشاد، ما يخلق حالة من الضياع داخل أروقة المستشفى. هذا الوضع دفع البعض إلى التساؤل عما إذا كان الأمن الخاص هو الجهة التي تسير المؤسسة، في ظل اختفاء الوجوه الإدارية المسؤولة عن توجيه المرضى وتنظيم ولوجهم إلى الخدمات الصحية.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، يطرح المواطنون أسئلة ملحّة حول الجهة المسؤولة عن ضمان استمرارية العمل داخل المستشفى، ودور المندوبية الإقليمية للصحة في تتبع سير المرفق العمومي، كما يتساءلون عن جدوى غياب آليات لمراقبة التغيب غير المشروع للأطر الطبية، خاصة بعدما وجهت الوزارة الوصية مراسلات رسمية إلى مندوب الصحة بالإقليم لتنبيهه إلى هذه الاختلالات، دون أن يظهر أي تغيير على أرض الواقع.
وقد أصبح هذا الوضع المتردي يستدعي تدخلا فوريا من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الصحة، لإعادة هيكلة الخدمات الصحية بالمستشفى وتوفير الأطر الطبية المتخصصة، لا سيما في جراحة الأطفال وأمراض القلب والشرايين، مع وضع نظام إداري يضمن التواصل الفعّال مع المواطنين، ويحدّ من العشوائية التي تطبع تسيير المرفق. كما أن تعزيز آليات المراقبة والمحاسبة بات ضرورة ملحة لضمان احترام الأطر الطبية والإدارية لواجباتهم، في إطار من الشفافية والمسؤولية.
22/03/2025