أثار الناشط سعيد الشرامطي جدلًا واسعًا بدعوته إلى رفع دعوى قضائية ضد إسبانيا والمغرب، بهدف إلغاء شرط تأشيرة شنغن لسكان الناظور وتطوان لعبور سبتة ومليلية. ويعتبر هذا المطلب امتدادًا لنقاش طويل حول حقوق العبور التاريخية، وتأثير القيود المفروضة بعد جائحة كورونا على سكان الشمال المغربي.
لطالما تمتعت مناطق الشمال المغربي، خصوصًا الناظور وتطوان، بعلاقة خاصة مع المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، حيث كان السكان قادرين على العبور دون الحاجة إلى تأشيرة. غير أن هذه الوضعية تغيرت بعد الجائحة، حينما فرضت السلطات الإسبانية قيودًا مشددة، الأمر الذي اعتبره شرمطي انتهاكًا لحقوق مكتسبة سلفًا.
ولكن من وجهة نظر قانونية، فإن “الامتياز التاريخي” لا يعد حقًا ثابتًا بل هو نتيجة تفاهمات سياسية، وليس التزامًا قانونيًا على الدولة الإسبانية، التي ترى أن أي تغيير في نظام العبور يجب أن يكون متماشيًا مع سيادتها الوطنية ومتطلبات أمنها القومي.
من الناحية الاقتصادية، شكل إغلاق المعابر ضربة قاسية لسكان المناطق الحدودية، حيث تأثرت التجارة المحلية، وانهارت أنشطة اقتصادية كانت تعتمد على العبور اليومي. إضافة إلى ذلك، انعكس الوضع سلبًا على النسيج الاجتماعي، حيث تعثرت علاقات العائلات الموزعة بين الضفتين، مما أدى إلى احتقان اجتماعي متزايد.
غير أن هذا الوضع يحمل وجهًا آخر؛ إذ اعتبرت بعض الجهات أن إلغاء العبور الحر أدى إلى تقليل الأنشطة غير القانونية مثل التهريب المعيشي، الذي طالما شكَّل إشكالية اقتصادية للدولة المغربية، فضلًا عن الحد من الاختلالات الأمنية التي كانت تشهدها المعابر الحدودية.
يطمح الشرامطي إلى تقديم دعوى قضائية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مستندًا إلى مبادئ حرية التنقل وحقوق الإنسان. لكن من الناحية القانونية، فإن هذه الدعوى تصطدم بعوائق كبيرة:
1. السيادة الوطنية: قرارات التأشيرات تدخل في نطاق السلطة التقديرية للدول، ولا يمكن لأي محكمة أن تلزم إسبانيا بتغيير قوانينها الخاصة بالهجرة.
2. الاتفاقيات الثنائية: العلاقة بين المغرب وإسبانيا تحكمها اتفاقيات ثنائية، وأي تعديل فيها يتطلب مفاوضات دبلوماسية، وليس مسارًا قضائيًا دوليًا.
3. الإطار الأوروبي: حتى لو تم رفع القضية أمام المحكمة الأوروبية، فإن قوانين الاتحاد الأوروبي واضحة بشأن التأشيرات، وهي لا تميز بين منطقة وأخرى داخل دولة عضو، مما يجعل فرص نجاح الدعوى ضئيلة.
في ظل هذه المعطيات، تبدو المعركة القانونية صعبة التحقيق، ما يجعل الحلول السياسية والدبلوماسية أكثر نجاعة. فبدلًا من التوجه إلى المحاكم، يمكن الضغط على الحكومتين المغربية والإسبانية للتوصل إلى حلول وسط، مثل تسهيلات تأشيرية أو تأشيرة محلية خاصة بسكان المناطق الحدودية.
إلغاء تأشيرة شنغن لسكان الناظور وتطوان بين الواقع والممكن هو جدل متشابك بين الحقوق المكتسبة والسيادة الوطنية. وبينما يحمل مطلب سعيد شرمطي بعدًا إنسانيًا واقتصاديًا، فإنه يصطدم بحقائق قانونية وسياسية تجعل تحقيقه عبر القضاء أمرًا معقدًا. وعليه، يبقى الحل الأمثل هو البحث عن تسويات دبلوماسية تحقق التوازن بين حق السكان في التنقل، ومتطلبات السيادة والأمن الوطني.
22/03/2025