في خطوة تكشف عن ازدواجية المعايير التي تتبناها جنوب إفريقيا في تعاملها مع قضايا تقرير المصير، سارعت بريتوريا إلى إدانة استقبال الولايات المتحدة لممثلين عن شعب كيب الغربية، المطالب بالاستقلال عن جنوب إفريقيا. ووصفت الأمر بأنه تدخل سافر في شؤونها الداخلية وانتهاك صارخ لسيادتها.
الغريب في الموقف الجنوب إفريقي هو أنه يأتي من دولة جعلت من “دعم الشعوب في تقرير مصيرها” شعارًا لها، خاصة في ملف الصحراء المغربية، حيث تتبنى موقفًا منحازًا لجبهة البوليساريو، متجاهلة حقائق التاريخ والشرعية الدولية. واليوم، عندما تجد نفسها أمام حركة تطالب باستقلال كيب الغربية، تتغير لهجتها فجأة، وتصبح وحدة الدول وسيادتها أمرًا مقدسًا لا يقبل النقاش!
إن هذا التناقض الصارخ يضع جنوب إفريقيا أمام اختبار حقيقي لمصداقيتها : هل تؤمن حقًا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، أم أن الأمر مجرد ورقة ضغط تستخدمها بشكل انتقائي وفقًا لمصالحها السياسية وتحالفاتها الإيديولوجية ؟ إذا كانت بريتوريا ترى أن استقبال واشنطن لممثلي كيب الغربية تدخّل غير مقبول، فلماذا تصر هي نفسها على التدخل في شؤون المغرب ودعم حركة انفصالية لا تمتلك أي شرعية تاريخية أو قانونية.
إن هذا الموقف ليس سوى تأكيد جديد على أن دعم جنوب إفريقيا للانفصاليين في الصحراء المغربية ليس بدافع مبدئي، بل هو مجرد رهانات سياسية تخدم أجندات معينة، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار وأمن الدول الأخرى .
22/03/2025