يبدو أن بعض الفنانين يعتقدون أن المسرح ساحة معركة، وليس فضاءً للإبداع والتواصل مع الجمهور. وهذا بالضبط ما أثبتته المغنية سلمى الشنواني في آخر “ملحمة درامية” لها بمدينة فاس ، حين قررت أن تتحول من فنانة إلى معلمة صارمة تعطي دروسًا في “كيفية قرع الطبول”، أمام جمهور مذهول لم يكن يدري إن كان يحضر حفلاً غنائياً أم مشهداً من مسرحية عن الغرور الفني!
كانت الأجواء تسير بشكل طبيعي، إلى أن قرر الطبال “المسكين” أن يعزف بإيقاع مختلف، ويا ليت هذا الخطأ كان مغفورًا! فما كان من سلمى إلا أن توقفت عن الغناء، وبدلاً من تجاوز الموقف باحترافية، قررت أن تقوم بتوبيخ العازف مباشرة أمام الجمهور. وكأنها تقول له: “من أعطاك الحق في أن تعزف كما تشاء؟ ألا تعلم أنني الشمس التي تدور حولها الموسيقى” ؟.
وبكل ثقة، وبنبرة تجمع بين الغضب والعظمة المفرطة، وجهت له السؤال التاريخي: “إن كنت لا تعرف كيف تقرع الطبل، فدعنا نحضر شخصًا آخر!” – وكأن الطبال كان يعمل في قصرها الخاص، وليس كفنان يؤدي دوره في فرقة موسيقية لها أسلوبها الخاص.
لكن المفاجأة التي لم تكن في حسبان “الديفا” الشابة، هي أن الجمهور لم يكن في صفها، بل تعاطف مع الطبال وفرقة “عيساوة”، وبدأ يطالب بصعود “المقدم” إلى الخشبة، مما وضع سلمى في موقف لا تحسد عليه. ربما توقعت أن الجمهور سيصفق لها على جرأتها، لكنها لم تدرك أن الفن ليس فقط صوتًا، بل هو احترام للآخرين أيضًا.
وفي محاولة يائسة لتدارك الموقف، قامت بحذف “الستوري” التي نشرتها عن الحفل، وكأن حذف الفيديو سيمحو من ذاكرة الناس ما حدث! ولكن للأسف، الإنترنت لا ينسى، والجماهير لا تغفر الغرور، خاصة عندما يكون مصحوبًا بعدم احترام الآخرين.
لقد علمتنا التجارب أن الفنان الحقيقي هو من يحترم زملاءه على الخشبة، وليس من يحاول إهانتهم والتقليل من شأنهم أمام الملأ. فكم من فنان عظيم وقف على المسرح مع عازفين أخطأوا ولم يبدر منه سوى ابتسامة احترافية أو تعليق طريف؟ وكم من فنان آخر، مثل سلمى، اعتقد أن الجميع يجب أن يكونوا في خدمته، وإلا فالويل لهم ؟
رسالة أخيرة إلى سلمى: الجمهور الذي أوصلك إلى الشهرة هو نفسه الذي يمكنه أن يسحب منك البساط، لأن الفن ليس فقط ألحانًا وكلمات، بل هو أخلاق قبل كل شيء.
22/03/2025