يتميز سوق العمل في إسبانيا بتفاوت واضح في الأجور بين الأقاليم، حيث تلعب العوامل الاقتصادية والجغرافية دورًا أساسيًا في تحديد مستويات الدخل. فالمناطق التي تعتمد بشكل رئيسي على السياحة وقطاع الخدمات، مثل جزر البليار وجزر الكناري، تشهد زيادة في الوظائف الموسمية، لكنها غالبًا ما تكون بأجور منخفضة. في المقابل، الأقاليم التي تضم مقار الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات، مثل مدريد وإقليم الباسك، توفر فرص عمل برواتب أعلى.
كشف تقرير InfoJobs Esade السنوي عن سوق العمل في إسبانيا أن عام 2021 شهد انخفاضًا عامًا في الأجور مقارنة بعام 2020 في معظم الأقاليم. الاستثناءات الوحيدة كانت في:
-أستورياس بزيادة 1.3%.
-كانتابريا بزيادة 1.3%.
-سبتة المحتلة بزيادة 5.3%.
أما الأقاليم التي سجلت أكبر انخفاض في الأجور فشملت:
-مليلية المحتلة بنسبة 9.6%.
-جزر الكناري بنسبة 6.8%.
-مورسيا بنسبة 4.6%.
-جزر البليار بنسبة 3.6%.
-نافارا بنسبة 3.6%.
وفقًا للتقرير، فإن الأقاليم التي سجلت أعلى متوسط للرواتب السنوية كانت:
1. مدريد – 26,525 يورو.
2. بلاد الباسك – 25,460 يورو.
3. كاتالونيا – 24,871 يورو.
4. نافارا – 24,676 يورو.
يظهر التفاوت في الأجور بوضوح بين شمال وجنوب إسبانيا. فالمناطق الشمالية مثل بلاد الباسك، كاتالونيا، نافارا وأستورياس (23,749 يورو) تتمتع برواتب أعلى نسبيًا مقارنة بالمناطق الجنوبية مثل مورسيا (22,248 يورو)، إكستريمادورا (22,618 يورو)، فالنسيا (23,171 يورو)، والأندلس (23,334 يورو).
انعكاس هذا الوضع على الجالية المغربية والمغاربة في سبتة ومليلية
يؤثر تفاوت الأجور في سوق العمل الإسباني بشكل مباشر على الجالية المغربية، التي تعد من أكبر الجاليات الأجنبية في البلاد. فالمغاربة العاملون في القطاعات السياحية والخدماتية، خصوصًا في جزر البليار وجزر الكناري، يجدون أنفسهم في وظائف غير مستقرة ذات أجور منخفضة، مما يجعل وضعهم المالي هشًا، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة في بعض المناطق.
أما المغاربة الذين يعملون في الأقاليم ذات الأجور المرتفعة مثل مدريد وبلاد الباسك وكاتالونيا، فيحصلون على فرص عمل أفضل، لكن المنافسة الشديدة في سوق العمل تجعل الوصول إلى هذه الفرص أكثر صعوبة، خاصة لمن لا يتقنون اللغة الإسبانية أو يفتقرون إلى المؤهلات المطلوبة.
بالنسبة للمغاربة القاطنين في المدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية، فإن التفاوت في الأجور يؤثر عليهم بشكل مزدوج. فمن جهة، أدى انخفاض الأجور في مليلية بنسبة 9.6% إلى تدهور أوضاع العاملين هناك، خاصة في الوظائف المرتبطة بالتجارة والخدمات، وهي القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على اليد العاملة المغربية. ومن جهة أخرى، استفادت سبتة من زيادة بنسبة 5.3% في الرواتب، مما قد ينعكس إيجابًا على العمال المغاربة في المدينة، رغم استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة نتيجة إغلاق المعابر الحدودية وتأثر التجارة.
يبقى سوق العمل في إسبانيا مليئًا بالتحديات والتفاوتات، التي تؤثر بشكل مباشر على الجالية المغربية سواء في الداخل الإسباني أو في المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. وبينما يستفيد بعض المغاربة من الرواتب المرتفعة في مدريد وبلاد الباسك، يواجه آخرون صعوبات في المناطق ذات الأجور المتدنية. ومع استمرار التغيرات الاقتصادية، يبقى مستقبل الجالية المغربية في إسبانيا مرتبطًا بتحسن ظروف العمل وفتح مزيد من الفرص العادلة للجميع.
25/03/2025