وجدت الحكومة المغربية نفسها أمام زلزال سياسي جديد بعد التصريحات النارية لنزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، والتي فجّرت قضية دعم استيراد الأغنام والأبقار ، إذ كشف بركة عن استفادة كبار المستوردين من 13 مليار سنتيم، بدعوى دعم القدرة الشرائية للمواطنين وخفض أسعار اللحوم الحمراء، في حين بقيت الأسعار ملتهبة، بينما تضخّمت الحسابات البنكية للمحظوظين المستفيدين.
وفي تطور سريع، تحركت النيابة العامة المختصة وأمرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بفتح تحقيق موسع حول شبهات اختلاس أموال عمومية مرتبطة بهذا الدعم … وبدأت بعض الأسماء تتسرب إلى العلن، من بينها برلمانيان نافذان، أحدهما من جهة بني ملال والآخر من جهة الدار البيضاء-سطات، وسط حديث عن استفادتهما بشكل كبير من هذه “الكعكة”، دون أي أثر ملموس على الأسعار في الأسواق.
ولم تعد القضية مجرد سجال سياسي، بل تحولت إلى قضية رأي عام، خاصة بعد دخول الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان على الخط، حيث أصدرت بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه تفشي الفساد واستغلال النفوذ، متهمة جهات نافذة بحماية لوبيات تحتكر الاقتصاد الوطني وتتحكم في الأسعار بذريعة العرض والطلب. وطالبت الجمعية بفتح تحقيق شفاف ومعاقبة المتورطين، محذّرة من انهيار ما تبقى من ثقة المواطنين في المؤسسات.
في المقابل، تحاول الحكومة امتصاص الغضب الشعبي عبر تصريحات متفرقة، إلا أن الموقف الصادم لوزير العدل داخل البرلمان زاد الطين بلة، حيث رفض تعديل القانون الجنائي بما يسمح للجمعيات الحقوقية بمقاضاة المنتخبين والمسؤولين في قضايا الفساد، مما أثار موجة استنكار واسعة، خاصة بعد سحب مقتضى تجريم الإثراء غير المشروع، في خطوة اعتبرها كثيرون انتكاسة لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
تظل هذه الفضيحة اختبارًا حقيقيًا لجدية محاربة الفساد في المغرب، فإما أن تُفضي التحقيقات إلى محاسبة فعلية، أو أن يتحول الملف إلى حلقة جديدة في مسلسل الإفلات من العقاب.
27/03/2025