قصة مارغا، الشرطية الإسبانية التي أنقذت برشلونة من هجوم إرهابي، تجد نفسها فجأة موضع شك. هل كانت بطلة أم تجاوزت الحدود؟ بين لحظة الخطر واتخاذ القرار، يبرز الجانب النفسي والمعضلة الأخلاقية: هل يمكن أن يكون الشرطي ضحية رغم كونه منفذ القانون؟ رغم الاعتراف بها كضحية إرهاب، ورغم التعويضات من وزارة الداخلية وحكومة كاتالونيا، إلا أن مارغا وجدت نفسها وسط عاصفة أخرى
في فجر يوم قاتم، في مدينة “كورنيا دي لوبريغات”، ببرشلونة، دوّى صوت الرصاص ليحسم مصير رجل دخل مركز الشرطة بسكين وصيحة تهزّ أركان المكان: “الله أكبر!”. لم تكن مارغا، الشرطية الإسبانية المخضرمة، تتوقع أن تكون على موعد مع لحظة ستغيّر حياتها للأبد.
كانت الساعة تشير إلى 5:45 صباحًا عندما دقّ الجرس في المركز. ظهر رجل على الشاشة، بدا هادئًا، لكن ما تلا ذلك كان أشبه بانفجار الزمن. تسارعت الأحداث، لحظة من الصمت تلاها اندفاع شرس، سكين يلمع تحت الأضواء الخافتة، وصرخة تزلزل المكان. لم يكن أمام مارغا خيار سوى الردّ، استجابت غريزتها قبل عقلها، ضغطت الزناد مرة، مرتين، ثلاثًا.. وسقط الرجل.
في لحظات، اعتُبرت مارغا منقذة، لكن في الأيام التي تلت، تحوّلت إلى موضع شك. تحقيقات متتالية، استجوابات مرهقة، تساؤلات لا تنتهي: هل كان هناك بديل لإطلاق النار؟ هل استخدمت القوة المفرطة؟
لم يكن الضغط قادمًا فقط من القضاء الإسباني، بل من الجزائر أيضًا، التي طالبت بملف التحقيق وسط تكهنات بأنها قد تسعى للانتقام.
لكن twist القضية لم يكن في التحقيقات فقط، بل في ما كشفته التحريات لاحقًا: لم يكن المهاجم مجرد متطرف، بل كان يعيش صراعًا داخليًا، رجلًا يحمل ميولًا مثلية يخشى أن يفتضح أمره، ظنَّ أن الموت “يُطهّره” وفقًا لمعتقداته المشوهة.
رغم الاعتراف بها كضحية إرهاب، ورغم التعويضات من وزارة الداخلية وحكومة كاتالونيا، إلا أن مارغا وجدت نفسها وسط عاصفة أخرى .لا حماية لهويتها رغم التهديدات.ناهيك عن بروتوكولات أمنية متراخية داخل مراكز الشرطة.
لكنها لم تستسلم. عادت إلى العمل، إلى نفس المكان، وكأنها تتحدى المصير. “قد سرق هذا الرجل شعوري بالأمان.. لكنه لن يسرق إصراري”، قالتها بثقة، وهي تمسك بشارة الشرطة بحزم.
في تلك اللحظة، كانت مارغا قد انتصرت ليس فقط على مهاجمها، بل على الخوف ذاته. أما الرجل الذي هاجمها، فقد خسر معركته في الحياة والموت معًا، تاركًا خلفه بحرًا من التساؤلات ومصيرًا رسمته رصاصة عند الفجر.
29/03/2025