أثار قرار الملك محمد السادس بإلغاء شعيرة نحر الأضاحي في عيد الأضحى أزمة في قطاع تربية الأغنام بإسبانيا، حيث كان السوق المغربي من الوجهات الرئيسية للخراف الإسبانية في السنوات الأخيرة. هذا القرار لم يقتصر تأثيره على المزارعين المغاربة فحسب، بل امتد ليشمل نظراءهم الإسبان الذين وجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة تتطلب البحث عن حلول بديلة.
في المقابل، استقبل المواطن المغربي، خصوصًا من ذوي الدخل المحدود، القرار بارتياح كبير، نظرًا للارتفاع الحاد في أسعار الأضاحي خلال السنوات الماضية، حيث قفز سعر الخروف من 2500 درهم إلى 6000 درهم، بينما تضاعف سعر لحم الخروف بشكل ملحوظ. كما أن الحكومة المغربية لم تكتفِ بإلغاء نحر الأضاحي فقط، بل فرضت أيضًا حظرًا على ذبح الغنام والنعاج في المسالخ، مما قد يسهم في إعادة التوازن للقطاع وتحسين تكاثر الثروة الحيوانية.
أمام هذه التحديات، يسعى مربو الماشية الإسبان إلى استكشاف فرص جديدة في الجزائر، حيث دعت منظمة “Apag Extremadura Asaja” الحكومة الإسبانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لفتح السوق الجزائري أمام صادرات الأغنام الإسبانية. وطالبت المنظمة بتعزيز الاتفاقيات التجارية مع الجزائر، وإزالة العوائق البيروقراطية، خاصة فيما يتعلق بشهادة (ASE)، التي تعد شرطًا أساسيًا لتسويق لحوم الأغنام هناك.
وأكدت المنظمة أن “تنويع الأسواق أصبح ضرورة ملحة، خصوصًا مع التحديات التي يواجهها القطاع في أسواقه التقليدية، مثل السوق المغربي”. وأشارت إلى أن الحصول على التراخيص اللازمة سيمنح المربين فرصة لضمان استمرارية نشاطهم، وتفادي التأثيرات السلبية التي قد تضر بالقطاع على المدى الطويل.
يمثل قطاع الأغنام عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد الزراعي لمنطقة إكستريمادورا الإسبانية، حيث يعتمد بشكل كبير على التصدير. وقد أدى إلغاء عيد الأضحى في المغرب إلى خلق حالة من عدم اليقين داخل القطاع، نظرًا لأن المغرب كان يستورد سنويًا حوالي 850,000 رأس من الأغنام الحية لهذه المناسبة، 80٪ منها تأتي من إسبانيا، وفقًا لرئيس الجمعية الإسبانية المهنية “ANAFRIC”، خوسيه فريغولز.
ورغم الأزمة، أبدى فريغولز تفاؤله، مؤكدًا أن “القطاع لطالما أظهر قدرته على التكيف مع الأوضاع الصعبة، ويمتلك مرونة عالية في التعامل مع الأزمات”.
لم يقتصر تأثير القرار المغربي على الداخل فقط، بل امتد إلى الجالية المغربية والمسلمين المقيمين في إسبانيا، حيث بدأت أصوات تنادي باتخاذ خطوة مماثلة للحد من المضاربات في أسعار الأضاحي. ففي مدينة ألميريا الإسبانية، دعا أحد خطباء المساجد إلى الاقتداء بقرار إمارة المؤمنين في المغرب، معتبرًا أنه “قرار حكيم يهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين، ويعكس نهجًا عقلانيًا في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة”.
بحلول عام 2025، انخفض متوسط سعر الحمل الصغير في إسبانيا إلى 3.50 يورو/كجم، مقارنة بـ 4.20 يورو/كجم خلال نفس الفترة من عام 2024. وقد انعكس هذا الانخفاض بشكل مباشر على أرباح المنتجين الإسبان، الذين باتوا يعملون في ظروف مالية صعبة، مما دفعهم إلى البحث عن أسواق بديلة بشكل عاجل، وفقًا لتقرير “Agronews”.
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل قطاع الأغنام في إسبانيا مرهونًا بمدى قدرته على التأقلم مع المتغيرات الجديدة، سواء من خلال تعزيز العلاقات التجارية مع الجزائر، أو من خلال البحث عن حلول أخرى تضمن استدامة القطاع على المدى البعيد.
31/03/2025