kawalisrif@hotmail.com

مقال رأي في ذكرى اليوم العالمي للتوحد

مقال رأي في ذكرى اليوم العالمي للتوحد

لا شك أن لا أحد يحب أن يعاني لأي سبب، لكن الحياة – بحكم طبيعتها – تشتمل على ما عبّر عنه فرويد بـ”التعاسة البشرية الطبيعية”، والتي تشمل أموراً مثل الأوجاع والآلام، والقلق والمخاوف، والمرض والفشل والخسارة والإحباط، واستحالة الكمال… تلك الأشياء التي ترافق أحداث حياتنا المعتادة.

لقد اشتغلت حوالي 45 سنة في جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في مجالات متعددة، منها الثقافية والرياضية والفنية والترفيهية، ولم يسبق لي أن اشتغلت في المجال الإنساني والاجتماعي، إلا بعد أن كان لي الشرف الالتحاق بجمعية أيمن للتوحد. مجال التوحد فاق تصوري، حيث عشت عن قرب معاناة الأطفال وأسرهم، وردود أفعال المجتمع اتجاههم. فأخذت الموضوع بجدية وحماس، إلى جانب طاقم إداري متمكن ومتماسك.

كان علينا أن نجيب عن عدة تساؤلات من أسر الأطفال، والإجابة عنها في الحين لم تكن سهلة، وإن لم تكن مستحيلة:

هل ابننا سيخرج من هذا الطيف؟

هل سيندمج في المجتمع مثل الأطفال العاديين؟

هل سيحصل يوماً ما على مقعد في المدرسة مثل أقرانه؟

هل سيتعرف في المستقبل على والديه وإخوانه؟

هل سيتمكن من طلب الطعام عندما يكون جائعاً أو كوب ماء عندما يكون عطشاناً؟

هل سيتمكن من قضاء حاجته بمفرده؟

هل سيفرق بين الليل والنهار؟

هل سيعبر عن ألم إذا ألمّ به؟

هل سيكون يوماً طفلاً ناطقاً؟

وأسئلة كثيرة لم نكن ننتظرها.

ومن أجل الإجابة عنها، عملنا ولا نزال نعمل على التأكد من تحديد الاحتياجات الخاصة لهذه الفئة من أطفال التوحد، وقدراتهم وأولوياتهم، واستهداف المساعدة للأشخاص والفئات الأكثر احتياجاً، ومواكبة أسرهم لتكون شريكة في تصميم البرامج، ومساعدتها على التقييم، من خلال تحديد العوائق وإزالتها، والقضاء على التمييز بين أطفالهم وأقرانهم من الأطفال العاديين، وتمكينهم على مستوى المجتمع المحلي وفي عملية صنع القرار.

ورغم أن أطفال التوحد لا يتخلصون بسهولة من هذا الطيف، إلا أنهم قادرون على التعلم والأداء الجيد. فهناك الكثير من الحالات التي تم اكتشافها في مرحلة مبكرة، حيث تم تحويلهم من طرف الجمعية إلى أخصائيين للعلاج والمتابعة. أضف إلى ذلك العمل اليومي الكبير للمؤطرات والمربيات داخل أقسام الجمعية، حيث تمكّنت الجمعية من إدماج العديد من الأطفال في أقسام الدمج بالمدارس العمومية، وأبانوا عن مستوى جيد إلى جانب التلاميذ العاديين.

وبناءً على ما سبق، فقد أقسمنا ألّا نتخلى عن هذه الشريحة من أطفال التوحد وأسرهم، ما دمنا قادرين على الممارسة، مؤمنين بقوله تعالى:

“وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون.”

05/04/2025

Related Posts