في خطوة تشريعية تُعد مفصلية، يستعد البرلمان الإسباني لمناقشة مرسوم ملكي بقانون يوم الخميس القادم، يتعلّق بتعديل المادة 35 من قانون الهجرة. هذا التعديل يهدف إلى فرض إلزامية توزيع القاصرين المهاجرين غير المصحوبين، المتواجدين بكثافة في سبتة وجزر الكناري، على باقي الأقاليم الإسبانية عند بلوغ طاقتها الاستيعابية الحد الأقصى.
هذه المبادرة تُدرج ضمن حزمة تدابير طارئة تعكس إقرار السلطات الإسبانية بضرورة حماية المصلحة الفضلى للطفل في ظل أزمات الهجرة المتكررة، حيث بات واضحًا أن العبء لا يمكن أن تتحمله سبتة أو جزر الكناري بمفردهما.
ولتفادي أي معارضة محتملة على مستوى التمويل، نصّ المرسوم على إنشاء صندوق خاص تابع لوزارة الطفولة والشباب، بميزانية استثنائية قدرها 100 مليون يورو لسنة 2025، وهو ما يعكس الجدية الإسبانية في معالجة هذا الملف بشكل منظم ومستدام.
التعديل الجديد يقترح إضافة أربع فقرات إلى المادة 35، تُعيد تنظيم الآلية القانونية لتوزيع القاصرين. أبرزها:
-منح المؤتمر القطاعي للطفولة والمراهقة استقلالية تامة في اتخاذ القرار بالإجماع.
-اعتبار أي إقليم يتجاوز عدد القاصرين فيه ثلاثة أضعاف قدرته الاستيعابية في “وضعية طوارئ هجرية”، مما يستدعي التدخل الفوري للحكومة لإعادة التوزيع.
-تحديد معايير دقيقة للتوزيع تشمل الدخل، الكثافة السكانية، نسبة البطالة، الجهود السابقة، البنية التحتية، والموقع الجغرافي سواء كان حدوديًا أو جزيريًا.
تنظيم إجراءات تسجيل القاصرين والتأكيد على ضرورة نقلهم خلال 15 يومًا إلى وجهتهم الجديدة بعد الاستكمال الإداري.
هذا النقاش البرلماني الإسباني يهم المغرب بشكل مباشر، بحكم الموقع الجغرافي وتقاطع المصالح، خاصة وأن العديد من القاصرين غير المصحوبين المتواجدين في سبتة و مليلية المحتلتين وجزر الكناري يُعتقد أنهم دخلوا عبر التراب المغربي. من هنا، تُطرح تساؤلات حول التنسيق الثنائي في تدبير هذه الظاهرة، وحدود المسؤولية بين بلد المنشأ وبلد الاستقبال.
رغم أهمية المرسوم، إلا أن طريقه ليس معبّدًا. أغلب الأقاليم التي يسيطر عليها الحزب الشعبي (PP) أعلنت نيتها الطعن في هذا المرسوم أمام المحكمة الدستورية، بدعوى أنه يمس بصلاحياتها الإقليمية، حيث أقدمت أراغون، وكانتابريا، وكاستيا وليون، ومدريد، وفالنسيا على خطوات قانونية تؤكد هذا الاتجاه.
الجدير بالذكر أن البرلمان الإسباني سبق أن رفض سنة 2023 مشروع قانون مشابه كان يُراد به تنظيم توزيع القاصرين، مما يعكس حجم الانقسام السياسي حول هذا الملف الشائك.
التصويت على هذا التعديل يأتي في ظل ضغوط قضائية، بعدما أمهلت المحكمة العليا الحكومة عشرة أيام للتكفل بألف قاصر في جزر الكناري تقدموا بطلبات لجوء، وهي مهلة تنتهي في 9 أبريل، مما يزيد من إلحاح الملف ويجعل من التصويت مسألة حاسمة في علاقة الحكومة المركزية بالأقاليم، وكذلك بشركائها في الضفة الجنوبية للمتوسط، وعلى رأسهم المغرب.
06/04/2025