أعلنت وزارة الشؤون الخارجية عن اجتماع مرتقب يوم غد الخميس بين الوزيرين ناصر بوريطة وخوسيه مانويل ألباريس، من أجل استعراض حصيلة تنفيذ خارطة الطريق الموقعة سنة 2022، ومناقشة ملفات جديدة تهم مستقبل العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح المملكة المغربية وثوابتها الوطنية.
يشكل هذا اللقاء محطة لتقييم ما تصفه الرباط و مدريد بـ”الوضع الممتاز” للعلاقات الثنائية، والذي يتجلى في انخراط البلدين في حوار استراتيجي منتظم قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وستكون من أبرز القضايا المطروحة للنقاش، وضعية سبتة ومليلية المحتلتين، التي يحرص المغرب على تدبيرها بعقلانية تحفظ حقوقه التاريخية والسيادية، خصوصًا بعد فتح الجمارك التجارية فيهما، وما ترتب عنه من تطورات اقتصادية وتجارية مهمة لصالح ساكنة المناطق الشمالية.
سيتم خلال الاجتماع التطرق لملفات الهجرة والأمن والتعاون الاقتصادي، حيث يؤكد المغرب التزامه الدائم بمقاربة تشاركية وإنسانية في تدبير الهجرة، تقوم على محاربة شبكات التهريب ودعم الهجرة النظامية. كما سيكون الاجتماع مناسبة لتعزيز التعاون الأمني المشترك، خاصة في مواجهة المخاطر العابرة للحدود، مع التذكير بالدور المحوري للمغرب كفاعل مسؤول وموثوق في استقرار المنطقة.
تأتي هذه القمة في سياق سياسي متميز يؤكد مكانة المغرب كشريك استراتيجي وازن لإسبانيا. فقد استقبلت الرباط على التوالي القمة الثنائية في ديسمبر 2023، وزيارات متتالية لرئيس الحكومة الإسبانية، تعكس إرادة مدريد في الحفاظ على علاقات مستقرة مع المغرب، البلد الذي يشكل عمقًا استراتيجيًا واقتصاديًا وأمنيًا لإسبانيا وأوروبا.
لا يمكن فصل مسار هذه العلاقات عن الاعتراف الإسباني بأهمية مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، والتي وصفها رئيس الحكومة الإسبانية في رسالته إلى جلالة الملك محمد السادس سنة 2021 بأنها “الحل الأكثر جدية وواقعية”. ويُعد هذا الموقف تحولًا تاريخيًا في السياسة الإسبانية، يعكس صواب الموقف المغربي وعدالة قضيته الوطنية الأولى.
شهدت العلاقات الثنائية في الآونة الأخيرة نجاحات أمنية مشتركة، من بينها تفكيك شبكات تهريب المخدرات، واكتشاف نفق تهريب بسبتة، بفضل التنسيق الوثيق بين المصالح الأمنية المغربية والإسبانية. ويؤكد المغرب استعداده الدائم لتعزيز هذا التعاون وفق مقاربة تحترم سيادته ومصالحه الوطنية.
رغم المؤشرات الإيجابية للعلاقات الثنائية، لا تزال بعض تفاصيل تنفيذ خارطة الطريق الموقعة في أبريل 2022، والمتجددة في قمة RAN لسنة 2023، بحاجة إلى توضيح، خصوصًا فيما يتعلق بالمصالح المغربية السيادية والاقتصادية. ويأمل المغرب أن يشكل هذا اللقاء مناسبة لترجمة الالتزامات إلى خطوات عملية ملموسة.
16/04/2025