في واقعة استثنائية تهز عالم الأحياء البحرية، استطاعت سفينة الأبحاث البحرية “Falkor Too” تحقيق ما يشبه المعجزة العلمية، حيث رصدت لأول مرة حبارًا عملاقًا حيًا يصل وزنه إلى 500 كيلوغرام، متجولًا في أعماق البحر على عمق 600 متر، بفضل كاميرات الروبوت البحري المتطور SuBastian.
هذا الحبار العملاق من نوع Mesonychoteuthis hamiltoni، الذي لم يُشاهد حيًا منذ اكتشافه الأول قبل 100 عام، ظل لعقود يثير الخيال والأساطير بسبب ندرته وغموض حياته في ظلمات البحر السحيقة. وها هو اليوم يظهر أمام عدسات العلم، في لحظة تصفها الصحف العلمية بـ”الحدث التاريخي الذي يعيد تعريف أسرار الأعماق”.
وبحسب صحيفة فارو دي فيغو الإسبانية، جرت هذه المشاهدة النادرة بفضل جهود السفينة البحثية المملوكة لمعهد المحيطات Schmidt Ocean Institute — الذي أسسه المدير التنفيذي السابق لشركة Google إريك شميت وزوجته ويندي. هذه السفينة الخيرية، التي يبلغ طولها 110 أمتار، مجهزة بتقنيات استكشاف متطورة وروبوت بحري يتحكم فيه عن بُعد، يتيح التوغل في أعماق يصعب الوصول إليها.
جاء هذا الاكتشاف المذهل بتاريخ 9 مارس، خلال رحلة استكشافية بالقرب من جزر ساندويتش الجنوبية — أرخبيل معروف بتنوعه البيولوجي البحري النادر. هذه الجزر، التي ضمتها المملكة المتحدة رسميًا سنة 1908، تمثل مختبرًا طبيعيًا للأبحاث البحرية الاستثنائية.
شارك في هذه المهمة الاستثنائية فريق دولي يضم نخبة من العلماء والخبراء من معهد Schmidt Ocean Institute ومؤسسة Nippon Foundation وNekton – Ocean Census & GoSouth وجامعة Plymouth البريطانية ومركز الأبحاث الألماني GEOMAR Helmholtz وهيئة المسح البريطانية في القطب الجنوبي British Antarctic Survey.
يوصف هذا النوع من الحبار العملاق بأنه أضخم اللافقاريات البحرية في العالم. إذ يصل طوله إلى سبعة أمتار ووزنه إلى نصف طن. وغالبًا ما كانت تُرصد جثثه في حالة احتضار، ما يجعل هذا التوثيق الأول من نوعه لمخلوق عملاق حي يسبح بحرية في بيئته الطبيعية.
الدكتورة كات بولستاد، الخبيرة في الأحياء البحرية من جامعة أوكلاند للتكنولوجيا، علقت على المشاهد المصورة بقولها “من الرائع رؤية أول صور لحبار عملاق شاب في بيئته الأصلية… والأكثر تأثيرًا هو إدراك أن هذا الكائن لا يعلم حتى بوجودنا.”
هذا الاكتشاف يفتح بابًا جديدًا لفهم الحياة في أعماق المحيطات، حيث لا يزال الكثير من الكائنات الغامضة تنتظر لحظة ظهورها أمام الكاميرات.
17/04/2025