عرفت العلاقات المغربية الإسبانية خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة، خاصة في أعقاب جائحة كوفيد-19، التي فرضت إغلاقًا شاملاً للمعابر الحدودية بين المغرب والمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية. غير أن إعادة فتح هذه المنافذ تدريجيًا، تزامن مع دخول قانون أوروبي جديد للهجرة واللجوء حيّز التنفيذ، وهو ما فتح باب التساؤل حول ما إذا كان هذا المستجد سيساهم في إعادة الحياة إلى هذه المعابر وفق الصيغة التي عرفتها لعقود.
بموجب هذا القانون، بات من حق طالبي اللجوء الذين يصلون إلى سبتة ومليلية الحصول على جواز مرور مؤقت بمجرد استكمال الإجراءات القانونية الأولية، وهو ما يمنحهم إمكانية الانتقال بحرية نحو باقي التراب الإسباني في فترة زمنية قصيرة، في انتظار الحسم النهائي في طلباتهم من طرف القضاء، وهي مسطرة قد تستغرق قرابة سنة كاملة. هذا الامتياز ساهم في خلق وضع جديد على مستوى الثغرين المحتلين، إذ أصبحا نقطة عبور لعدد متزايد من طالبي اللجوء، ما ألقى بظلاله على دينامية المعابر التي لطالما كانت تعرف حركة تجارية وإنسانية نشطة قبل الجائحة.
يرى مراقبون أن دخول هذا القانون حيز التنفيذ يمكن أن يشكل خطوة أولى نحو عودة تدريجية للحركية عبر معبري سبتة ومليلية، وإن كان ذلك وفق شروط وضوابط أكثر صرامة. ففي الوقت الذي يمنح فيه القانون الحالي تسهيلات غير مسبوقة لطالبي اللجوء، ما تزال عملية العبور إلى المدينتين تخضع لتأشيرة “شينغن”، مع تطبيق إجراءات مشددة، لاسيما في ما يتعلق بمرور السلع والمنتوجات.
وعلى الرغم من هذه الانفراجة في ملف التنقل البشري، فإن فتح المعابر لا يعني بالضرورة استعادة الوضع السابق قبل الجائحة. إذ تؤكد المعطيات أن السلطات المغربية والإسبانية تتجه نحو إعادة تنظيم شاملة للمبادلات التجارية عبر المعابر، من خلال منع تهريب السلع عبر الأفراد، واقتصار مرور البضائع على العمليات التجارية المصرح بها، بما يتماشى مع أهداف حماية الاقتصاد الوطني ومحاربة التهريب المعيشي.
في ضوء هذه المتغيرات، يتضح أن القانون الجديد للهجرة واللجوء مرشح لأن يلعب دورًا مهمًا في إحياء حركة العبور بمعبري سبتة ومليلية، وربما التخفيف من شروط التأشيرة، لكن ذلك سيتم ضمن إطار قانوني وتنظيمي دقيق يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية للمنطقة. وبينما يراهن البعض على هذه الخطوة كفرصة لفك العزلة عن الثغرين، يرى آخرون أن تحقيق انفراج كامل سيبقى رهينًا بتفاهمات سياسية شاملة بين الرباط ومدريد.
كما أن القانون الذي يحدد أجل دراسة طلبات اللجوء في ثلاثة أشهر بدل سنة قد يساهم في إعادة التوازن إلى وضعية المعابر، إذ سيساعد على تقنين مرور المهاجرين ومنع تدفقهم غير المنظم، خاصة أن الوضع سابقًا كان يشهد تدفقات كبيرة من المهاجرين الأفارقة والمغاربة الذين غالبًا ما يتم رفض طلباتهم وإعادتهم إلى المغرب.
18/04/2025