في لحظة حزينة للعالم الكاثوليكي وللإنسانية جمعاء، أعلن الفاتيكان عن وفاة قداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عن عمر يناهز 87 عامًا. وقد رحل البابا فرانسيس بهدوء بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والمواقف الإنسانية التي طبعت التاريخ المعاصر.
ولد خورخي ماريو بيرغوليو في الأرجنتين عام 1936، وكان أول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول من حمل اسم “فرانسيس”، تيمنًا بالقديس فرنسيس الأسيزي، رمز البساطة وخدمة الفقراء. عُرف البابا فرانسيس بتواضعه وقربه من الناس، وبجهوده الكبيرة من أجل العدالة الاجتماعية، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعزيز الحوار بين الأديان.
طوال فترة حبريته، وجّه البابا فرانسيس رسائل قوية إلى العالم حول قضايا الفقر، والهجرة، والتغير المناخي، وأهمية إحلال السلام. ودعا إلى احترام كرامة الإنسان أيًا كان دينه أو عرقه أو ثقافته، واشتهر بمبادراته لمدّ جسور التفاهم مع المسلمين واليهود وأتباع الديانات الأخرى.
توالت ردود الأفعال من زعماء العالم، ورجال الدين، والمواطنين، الذين عبّروا عن حزنهم العميق لفقدان شخصية استثنائية. وأعلنت العديد من الدول الحداد الرسمي، بينما ازدحمت ساحات الفاتيكان بالمؤمنين الذين جاؤوا لتوديع “بابا الشعب”، الذي شكّل نموذجًا للزهد والبساطة.
سيبقى إرث البابا فرانسيس حاضرًا في قلوب الملايين، من خلال كلماته التي رسخت قيم الرحمة والتسامح، ومبادراته التي جسّدت معاني الأخوة الإنسانية. وسيظل اسمه مرتبطًا بالإصلاحات التي قادها في الكنيسة الكاثوليكية، والمواقف النبيلة التي اتخذها لصالح قضايا العدالة والسلام.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة والمواقف القوية التي تميز بها، فقد عانى البابا فرانسيس من عدة مشاكل صحية خلال فترة بابويته التي امتدت 12 عامًا. واجه متاعب متكررة بسبب مشكلات في الرئة، حيث سبق له في شبابه أن خضع لعملية جراحية لاستئصال جزء من رئته. كما عانى من آلام مزمنة في الركبة، اضطرته في سنواته الأخيرة إلى استخدام الكرسي المتحرك أحيانًا.
إضافة إلى ذلك، أجرى البابا عملية جراحية دقيقة في القولون عام 2021، وظل يتلقى علاجات طبية دقيقة تحت إشراف أطباء الفاتيكان.
ورغم هذه المتاعب الصحية، لم يتوقف البابا فرانسيس عن أداء مهامه الروحية والإنسانية، فكان مثالًا في قوة الإيمان، والصبر، والوفاء بمسؤولياته إلى آخر لحظة من حياته.