في الناظور، حيث البحر يلامس السماء، يطفو مشروع مارشيكا ميد على سطح مياه مليئة بالوعود التي تبدأ بالتحقيق وتنتهي في بحيرة من الفوضى. بعيداً عن الخطابات الرسمية التي تزين وجه المشروع الملكي الموجه لتنمية جهة الريف، هناك حقيقة مخفية، لكنها ليست مُعقدة كما يريد البعض أن يظن. فهنا، داخل أروقة هذه الشركة، يجري ما يمكن تسميته بـ “إبادة إدارية” منهجية تُدار تحت إشراف المدير المنتدب، الذي يبدو أنه قرر أن هذا المشروع ملكٌ خاص به، وليس هدية ملكية لمنطقة بأكملها.
في جلسة خاصة بالرباط، أطلق المدير المنتدب تصريحات صادمة كأنها جاءت من عصر آخر. قال بالحرف: “بعد سنة في الناظور، فهمت لماذا يُنعت الريفيون بكل الأوصاف. إنهم غير أكفاء ولا يستحقون البقاء في الشركة.” كلمات تفيض بالتنميط والتمييز الجهوي، وكأن الناظوريين ليسوا سوى عبيد في مسرحه الإداري الكبير. ألا يعد هذا أقرب إلى تصريح حربٍ ضد كفاءات المنطقة؟
لكن القصة لا تنتهي هنا. المدير المنتدب، الذي يبدو أنه اكتشف مؤامرة أكاديمية تُهدد عرش ريادة الناظور، بدأ في عملية تطهير ممنهج للمؤسسة من أبنائها. فبينما يتم توزيع المناصب الحساسة على أصدقاء وأقارب في الرباط، تُترك الكفاءات المحلية تصارع على بقاءها في هوامش المشروع. كان من الممكن أن تكون شركة “مارشيكا ميد” منارة تنموية، لكن في يد من لا يفقه في المنطقة سوى اسمها، أصبحت هذه المنارة مجرد برج عاجي يزداد ارتفاعه في الرباط بينما يغرق الناظور في التهميش.
وإذا كانت الأزمة الإدارية لا تكفي، فإن دور مديرة وكالة مارشيكا في هذه المسرحية يثير التساؤلات. العلاقة الشخصية الوثيقة بينها وبين المدير العام المنتدب تفتح باباً واسعاً لتضارب المصالح. فكيف يُمكن لمؤسسة تُدير مشروعاً ملكياً استراتيجياً أن تُدار بهذه الطريقة؟ وكيف يتم تحويلها إلى مجرد ضيعة عائلية صغيرة؟
المشروع الذي كان يُفترض أن يكون حصادًا لرؤية ملكية حكيمة أصبح رهينة في يد من يظن أنه يُدير لعبة إدارية، غير عابئ بالمعايير الأخلاقية أو المهنية. في الوقت الذي يتصارع فيه الكفاءات المحلية على البقاء، يُغلق الباب في وجوههم، ليحل محلهم أشخاصٌ يأتون من خارج المنطقة لا علاقة لهم بمشروع “مارتشيكا” أو تاريخ الناظور.
اليوم، وفيما المشروع الملكي يغرق في بحيرة من الإقصاء والتضارب الإداري، يرتفع صوت الكفاءات المحلية مطالبًا بالإنصاف. قد تكون صرختهم خافتة الآن، لكن إن لم يتدارك الوضع سريعًا، فقد تتحول هذه الصرخة إلى هتاف جماعي يُنبه الجميع إلى أن الإقصاء الجهوي، وتضارب المصالح، وإدارة المشاريع وفق أهواء شخصية، ليسوا الطريق الصحيح لتنمية حقيقية.
22/04/2025