في موجة جديدة من التضييق على حرية التعبير والفن، أفادت تقارير حقوقية بأن السلطات الإيرانية استجوبت سبع فنانات خلال الأيام الماضية، وأجبرتهن على توقيع تعهدات خطية بعدم الغناء، أو العزف، أو نشر أعمالهن الموسيقية عبر الإنترنت أو على المنصات الاجتماعية.
تندرج هذه الحملة ضمن سلسلة من السياسات الممنهجة التي تستهدف النساء في المجال الفني، خاصة اللواتي يزاوجن بين الإبداع والتعبير عن الذات، وسط نظام يعتبر الغناء النسائي في الفضاء العام “مخالفًا للضوابط الشرعية”.
لم تُعلن السلطات أسماء جميع الفنانات، إلا أن التقارير غير الرسمية تشير إلى أن بينهن مغنيات معروفات في الأوساط الفنية المستقلة. بعضهن قدمن عروضًا موسيقية في مناسبات خاصة، أو نشرن مقاطع غنائية عبر تطبيقات مثل إنستغرام ويوتيوب، ما عرّضهن للمساءلة، والحظر، بل التهديد بالمتابعة القضائية في حال التكرار.
وسط هذه الحملة، تبرز قصة رندة جباعي، الفنانة الإيرانية-السورية التي وُصفت بـ”الصوت الحر”، والتي أثارت تفاعلًا كبيرًا بين نشطاء الفن وحقوق الإنسان. رندة ليست من ضمن الفنانات السبع مباشرة، لكنها أصبحت رمزًا للمعركة بين السلطة والصوت النسائي الحر.
جباعي، المعروفة بتوليفاتها الموسيقية التي تمزج بين المقامات الشرقية والنصوص الثورية، تحدثت مرارًا عن الضغوط التي تواجهها الفنانات في إيران وسوريا، وأهمية أن يكون الفن أداة مقاومة لا خنوع.
وفي تعليق على الحملة الأخيرة، كتبت رندة عبر حسابها على منصة “إكس” “منع المرأة من الغناء ليس حمايةً للأخلاق، بل خنقٌ للروح. الصوت لا يُمنع، هو يولد من رحم القهر.”
أثارت هذه الحملة استنكارًا واسعًا بين أوساط الفنانين والناشطين، إذ اعتبر كثيرون أن استهداف النساء في الفن هو استهداف لحقهن في الوجود والتمثيل الإبداعي. منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” و”فريدم هاوس” نددت بالواقعة، داعيةً المجتمع الدولي إلى الضغط على طهران لاحترام حرية التعبير والفن.
في المقابل، يعيش الفنانون داخل إيران حالة من الخوف والتردد، خشية أن يكونوا ضمن الموجة التالية من الاعتقالات أو المضايقات.
رغم هذه التضييقات، تُظهر التجربة الإيرانية أن الفن لا يُكمم بسهولة. من تحت الحجاب الإجباري، ومن خلف الجدران العالية، يستمر الإبداع في الانبعاث بأشكال بديلة: عبر الرسومات، الشعر، الرقص الخفي، والغناء الهمسي، ليثبت أن صوت المرأة ـ مهما خُنق ـ لا يموت، بل يتكاثر في الظلال.
24/04/2025