من شارع خوان كارلوس الأول إلى ساحة إسبانيا، الهتافات تتعالى: “مليلية مع فلسطين”
شهدت مدينة مليلية المحتلة، مساء الخميس 24 أبريل، تنظيم مسيرة جماهيرية ضخمة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني. انطلقت التظاهرة من ساحة “القائد بنيتز”، مخترقة شارع خوان كارلوس الأول، قبل أن تصل إلى ساحة إسبانيا أمام النصب التذكاري للدستور، وسط هتافات وشعارات حملت رسائل واضحة ضد الاحتلال ودعمًا لغزة.
وتُعد هذه أول تظاهرة من هذا النوع تشهدها المدينة منذ أشهر، وقد عرفت مشاركة جماهيرية لافتة، حيث قدّر عدد المشاركين بالمئات، ما يؤكد أن التضامن الشعبي مع فلسطين لا يزال حيًا ونابضًا في مليلية.
في هذا السياق، عبّر كريم حسني، المتحدث باسم “منصة الدفاع عن حقوق الإنسان”، عن استيائه الشديد مما وصفه بـ”النفاق الدولي” في التعامل مع الأوضاع في فلسطين، مشددًا على أن ما يجري هو “احتلال ممنهج” لا يسعى إلى سلام أو تعايش، بل إلى استمرار الإبادة الجماعية. كما أكد أن الأنشطة الاحتجاجية ستتواصل طالما استمر القتل والدمار في غزة.
بدورها، أوضحت دينا ورداني، وهي من أعضاء المنصة ذاتها، أن القضية الفلسطينية تتجاوز الانتماءات الدينية، مؤكدة أن غزة تضم عددًا من المسيحيين الذين يعانون بدورهم من العدوان. ومن هذا المنطلق، دعت الطائفة المسيحية في مليلية إلى الانخراط في دعم هذه القضية التي وصفتها بـ”الإنسانية الشاملة”.
ورفضت دينا الاتهامات التي وُجهت للمنصة بالتحريض على الكراهية، قائلة: “نحن لا نحرض، بل نُدين جرائم تُرتكب في وضح النهار. وعلاقاتنا الاجتماعية في المدينة لا تزال قائمة على التعايش والاحترام بين جميع الأديان”. وأضافت، بصوت متأثر: “كأم، أجد صعوبة أحيانًا في متابعة الأخبار، لما تتركه من أثر نفسي قاسٍ، خصوصًا حين أرى معاناة الأمهات الفلسطينيات.” وقد ظهرت دينا مرتدية سترة صحفية، تكريمًا لضحايا الإعلام من الصحفيين الذين قضوا أثناء تغطية العدوان على غزة.
المسيرة، التي انطلقت بعد السابعة مساءً بقليل، تميزت بمشاركة رمزية مؤثرة لأطفال وشباب حملوا أكياسًا وأمتعة تحاكي جثامين الشهداء، في مشهد ترك أثرًا بالغًا في نفوس المشاركين.
وتقدّم المسيرة لافتة كبيرة كُتب عليها: “مليلية مع فلسطين. أوقفوا الإبادة الجماعية الإسرائيلية.” كما رفرفت الأعلام الفلسطينية بين الحشود، بينما علت الهتافات المنددة بالاحتلال، ومن أبرزها: “غزة قاومي، مليلية تنهض”، “الدولة الصهيونية إرهابية”، “إسرائيل تقتل الأطفال”، “أين هي العقوبات على إسرائيل؟”، “لا تنظر إلينا، انضم إلينا”.
وكان للجانب الرمزي نصيب في هذه المسيرة، إذ جلس الأطفال المشاركون في أحد المقاطع على الأرض لينشدوا أغانٍ تدعو للنصر والسلام، وسط قرع الطبول الذي رافق هتافات الحاضرين، في تناغم جسّد روح المقاومة والتضامن.
وحظيت المسيرة بحضور سياسي لافت، إذ شارك فيها قادة من حزب “الائتلاف من أجل مليلية” (CpM) وحزب “Somos Melilla”، من ضمنهم المغربيان ممصطفى أبرشان وأمين أزماني، تعبيرًا عن دعمهم للمطالب الإنسانية المرفوعة في هذه التظاهرة.
من جانبها، قامت عناصر الشرطة الوطنية والمحلية بمرافقة المسيرة وتأمين مسارها من بدايتها حتى نهايتها، حيث تم توقيف حركة المرور في عدة شوارع لتسهيل مرور المتظاهرين وضمان سلامتهم.
وقد اختُتمت المسيرة أمام نصب الدستور، في لحظة قوية امتزجت فيها الأناشيد والهتافات، لترسخ من جديد وحدة سكان مليلية في دعم القضية الفلسطينية.
وفي ختام الفعالية، جدد كريم حسني موقف المنصة برسالة واضحة: “هذه ليست قضية دينية، بل قضية إنسانية تتطلب موقفًا عالميًا عادلًا.”