اختار رئيس مجلس جهة الشرق محمد بوعرورو أن يخلع جبة المسؤول الجهوي ويرتدي قميص “الكولومبي” في طوافه ، منطلقًا في جولات مكوكية لا تهدأ ولا تستكين نحو جماعات إقليمي الناظور والدريوش، متسلحًا بسيارة مجلس الجهة بدلًا من سيارات الإسعاف، التي يبدو أنه امتهن إطلاق صفاراتها قبل الولوج بها إلى غرفة الإنعاش. وقد بدا عازمًا على تسلق قمم الخريطة الانتخابية بكل ما أوتي من وقود … حرفيًا !
الرئيس بوعرورو الموقر، الذي يبدو أنه وجد ضالته في “ممارسة الرياضة السياسية”، لم يترك الأيام ولا عطلات نهاية الأسبوع تمر دون أن يلهب محركات سيارات المجلس، ويستنزف خزاناته من البنزين، في مشاهد تثير شفقة السائقين أكثر مما تثير اهتمام المواطنين … فالرجل يسابق الزمن والواقع لحشد المنتخبين من مختلف الأطياف الحزبية، طامعًا في تحويلهم إلى جنود احتياط في كتيبة “البام”، في تحالف يبدو أن شريكه فيه ليس سوى الملياردير الشهير البرلماني الوليشكي “مكنيف”، بأذرعه الممتدة كأفعى تلتف حول المنطقة.
ولأن لكل سباق قواعده، فقد اختار الرئيس بوعرورو أن يستوحي كل مراحل “التسخينات الانتخابية” من طوافه ، حيث انطلق بالقميص الأصفر، رمز الريادة، محاطًا بكوكبة من اللاهثين وراء الغنيمة ، ثم شرع في تسلق الجماعات كمتسلق محترف يرتدي القميص المنقط بالأحمر، وكل ذلك ليس على حساب “العرق والدم”، بل على حساب ميزانية الجهة.
لكن الرياح السياسية في الشرق لا تسير دائمًا كما يشتهي المتسلقون. إذ يبدو أن عواصف داخلية بدأت تهب، وتنذر بأن الحلم بالوقوف على بوديوم النصر وتلقي القبلات من حسناوات المشهد الانتخابي، قد يتحول إلى كابوس سقوط مدوٍّ قبل الوصول إلى خط النهاية.
وفي انتظار قرع طبول الصراع الانتخابي رسميًا، يبقى السؤال معلقًا: هل سينفع أسطول “بوعرورو” للإسعاف في إنقاذ ما تبقى من ثقة المواطن في مشهد سياسي بات أقرب إلى سيرك متنقل منه إلى ممارسة ديمقراطية؟
وكأن رئيس الجهة قرر أن يتحول من مسؤول منتخب إلى بطل أسطوري في سباق لا يشاهده أحد، ولا ينتظر نهايته سوى عدسات الهواتف ونشرات الأخبار الحزبية.
فيما تبكي طرقات الجماعات من الحفر، وتئن المراكز الصحية من قلة الأطر، يُصرّ الرئيس على خوض طواف انتخابي حارق، فقط ليؤكد لنا أن الأولوية ليست للناس، بل لنفسه.
كل محطة من محطات “الطواف” توثقها عدسات التصوير، لا لعرض المنجزات، بل لعرض العضلات… السياسية طبعًا، بما أن لا أثر لرياضة حقيقية في المشهد.
أما تحالفه مع الملياردير، فحدّث ولا حرج، إذ يبدو أن خارطة الطريق رُسمت في مكاتب مكيّفة، بينما يختنق المواطن بحرّ الانتظارات وسقف الوعود.
وفي النهاية، يبقى المواطن متفرجًا على هذا السيرك المتنقل، حيث تتشابك الأدوار بين بهلوان سياسي، ومدير أعمال انتخابية، وسائق سيارة إسعاف يبحث عن طريق النجاة وسط زحمة الشعارات.
25/04/2025