kawalisrif@hotmail.com

محمد بلحرش…  المغربي في كواليس الدبلوماسيةالأمتية الدولية

محمد بلحرش… المغربي في كواليس الدبلوماسيةالأمتية الدولية

رُكن دبلوماسي في هندسة العلاقات الخارجية للمملكة

رجل الظلّ الذي صنع النور في دهاليز العلاقات الدولية، ومحترف نسج التحالفات الهادئة في عالم لا يرحم المترددين… إنه محمد بلحرش، أحد أعمدة الدبلوماسية الأمنية المغربية، وركنٌ راسخ في هندسة العلاقات الخارجية للمملكة، بصم اسمه بمداد الثقة والانضباط في أدقّ الملفات وأكثرها حساسية.

في مبادرة تسلّط الضوء على الكفاءات الناظورية التي تخطّت حدود الجغرافيا لترتقي في سلّم الدولة، تطلق جريدة كواليس الريف سلسلة بورتريهات تُنصف أبناء المنطقة الذين بلغوا مراتب القرار، وكانوا سفراء للقيم المغربية في أرقى المنصات. واستُهلّت هذه السلسلة باسم محمد بلحرش، لما يمثّله من تجربة مهنية فريدة وذخيرة استراتيجية في مجالات السيادة.

بلحرش، ابن حي باصو بالناظور، سليل أسرة عريقة ومنحدر من جذور ضاربة في الوطنية، ينتمي إلى عائلة تُعدّ من أعمدة الريف في تاريخ الدولة، ويكفي أن نذكر قرابته من الجنرال دو ديفيزيون المتقاعد أحمد الحرشي، أحد صُنّاع تحوّل المؤسسة الأمنية بالمملكة في الثمانينيات والتسعينيات، في فترة دقيقة طبعتها رهانات إقليمية مصيرية.

أما محمد، فقد اختار المسار الهادئ والعميق: الدبلوماسية الأمنية. هو رجل لا يتحدث كثيرًا، لكنه يترك الأثر أينما حلّ وارتحل، داخل الدوائر السيادية الحساسة، في تمثيل المغرب ضمن ملفات عابرة للحدود، لا يُسمع عنها في الإعلام، لكنها تُغيّر الكثير في ميزان القوى.

تميّز بلحرش بقدرته على بناء جسور الثقة مع الشركاء الدوليين، وتطوير مقاربات تواصلية ذكية، في عالم باتت فيه القنوات غير الرسمية أكثر تأثيرًا من القنوات البروتوكولية. شكّل طيلة سنوات عنصراً فاعلاً داخل المشهد الدبلوماسي الأوروبي، حاملاً بصمة مغربية خالصة في ملفات الأمن، مكافحة الإرهاب، ومحاربة التطرف.

في الأوساط الضيقة، يُلقّب بـ”السندباد الطائر”، رجل يشتغل في صمت، يسافر دون ضجيج، يفاوض دون كاميرات، ويمثّل بلاده في صمت الممرات الخلفية للمؤتمرات الدولية، حيث تُصاغ القرارات قبل أن تُعلن.

ويحكي المقربون أنه نهل فنون المناورة منذ صغره، بين مزارع “إيوعليتن، جنان الحاج خالد، إدْرغالن، وبوقاويت”، حيث تعلم معنى التمويه والتخفي، والاختفاء في الوقت المناسب… حتى أن صحافيين دوليين شبّهوه بـ”جيمس بوند المغربي”، وإن بفارق القيم والنوايا.

منذ سنة 2005، ومع إعادة هيكلة المديرية العامة للدراسات والمستندات، عقب تعيين محمد ياسين المنصوري، تعزّز موقع بلحرش ضمن نخبة الأجهزة السيادية، وكرّس حضوره كفاعل محوري في رسم التوجهات الجديدة، ضمن رؤية ملكية ترى في إفريقيا عمقًا استراتيجيًا للمغرب.

اليوم، يشرف بلحرش على ملفات جيوسياسية شائكة في القارة الإفريقية، مساهمًا في تفعيل الرؤية الملكية القائمة على إمارة المؤمنين كقوة ناعمة لتثبيت الاستقرار الروحي والسياسي، وربط الأبعاد الدينية والثقافية بالدبلوماسية الواقعية.

ورغم جسامة المهام، نادرًا ما يظهر بلحرش في الصور، حتى أن ظهوره الوحيد كان في إحدى الدروس الحسنية، أو خلال جنازة والدته المرحومة يامنة الجوهري، في سبتمبر 2024، رفيقة الحاج بوزيان بلحرش، أحد وجوه الناظور الذي رحل سنة 2021، واشتهر بالتقوى وحل النزاعات بعقل الحكمة والورع.

محمد بلحرش ليس فقط إطارًا سياديًا؛ بل هو مرآة لمغرب يشتغل بصمت، يؤمن بالكفاءات، ويصدّر رجال دولة في زمن يحتاج إلى رجال المرحلة.

هو ببساطة: ابن الناظور الذي بلغ القمة، دون أن ينسى الجذور.

25/04/2025

Related Posts