لا ينافس أحد في الجزائر تبون، الرئيس الصوري، في بيع الأوهام للجزائريين، كما ظهر جلياً في أحدث خرجة إعلامية له، حينما زعم زوراً أن بلاده أجبرت إسبانيا على التراجع عن دعمها لمغربية الصحراء.
تبون، الذي نصبه العسكر في قصر المرادية، ادعى أن الجزائر تمكنت من “تأديب” إسبانيا عبر عقوبات اقتصادية لم تكن مدريد تتوقعها، مشيراً إلى أن هذه الضغوط دفعت الأخيرة إلى تغيير موقفها تجاه قضية الصحراء.
إلا أن هذا الخطاب لم يكن سوى محاولة لتضليل الرأي العام الداخلي، خصوصاً مع استمرار حكومة بيدرو سانشيز في تأكيد دعمها الثابت لمبادرة الحكم الذاتي المغربية منذ إعلانها الرسمي في مارس 2022.
مستغلاً جهل بعض شرائح المجتمع، حاول تبون أن يُسَوِّق لنفسه وللعسكر بأنهم ألحقوا هزيمة دبلوماسية بإسبانيا، رغم أن الواقع الدولي والرسائل الرسمية الإسبانية والأوروبية تؤكد عكس ذلك.
فمدريد لم تتراجع قيد أنملة عن دعمها للطرح المغربي، بل إنها استعانت بمؤسسات الاتحاد الأوروبي لمواجهة العراقيل الجزائرية وإعادة ضبط العلاقات الاقتصادية وفق قواعد الشراكة الحرة.
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد شدد في مارس 2022 على أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية سنة 2007 تُمثل الحل الأكثر جدية وواقعية للنزاع حول الصحراء المغربية، مما عكس تحولا استراتيجياً في السياسة الإسبانية تجاه هذه القضية.
رغم هذه الحقائق، سعى تبون إلى نسج “نصر وهمي”، مدعياً أن الضغط الطاقي أجبر مدريد على إعادة النظر في مواقفها، في حين أن إسبانيا لم تكتف بالتخلص من اعتمادها على الغاز الجزائري، بل تجاوزت أزمتها عبر توقيع اتفاقيات استراتيجية مع دول أخرى، على رأسها الولايات المتحدة.
وبينما كانت الجزائر تحاول استخدام الغاز كسلاح سياسي، كانت إسبانيا تعزز استقلالها الطاقي، بل وتحولت إلى مصدر للغاز المسال نحو المغرب، مما أدى إلى تقهقر النفوذ الجزائري وفشل رهانات العسكر على قلب موازين القوى.
أمام هذه المعطيات، وجدت الجزائر نفسها مضطرة إلى التراجع عن التصعيد، والسعي لإعادة فتح قنوات التجارة مع مدريد، بعدما أدركت عزلتها الإقليمية والدولية.
26/04/2025
