في خطوة جديدة نحو تطوير المدينة المحتلة، أعلنت الوزيرة إيزابيل رودريغيث خلال مشاركتها في المؤتمر الجهوي الخامس عشر للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE) عن خطة الحكومة المركزية لتطوير مشاريع سكنية في مليلية. وأكدت الوزيرة أنه سيتم طرح مشروع بناء 90 وحدة سكنية في الثكنة العسكرية القديمة “غابرييل دي موراليس” في الأسابيع المقبلة، ضمن خطة شاملة تشمل بناء 300 وحدة سكنية أخرى على أراضٍ عسكرية، إضافة إلى ترميم أكثر من 700 منزل في إطار استثمارات الحكومة عبر الشركة العامة للإسكان والأراضي.
الوزيرة أكدت في تصريحاتها أن توفير السكن ليس فقط مسؤولية الحكومة المركزية، بل يجب أن يتعاون مع الحكومة المحلية في تنفيذ مشاريع الإسكان. كما دعمت الوزيرة تطبيق قانون الإسكان الذي أطلقته حكومة بيدرو سانشيز لتنظيم أسعار الإيجار في المدينة، مشيرة إلى أن “ملايين اليوروهات لن تشكل عائقًا” في هذا الصدد. وشددت على أهمية توفير حلول إسكانية للمواطنين للحد من ارتفاع أسعار الإيجار، بما يعزز رفاهية المواطنين في المدينة.
وتواكب هذه الخطوات مع الخطة الاجتماعية الاقتصادية لمليلية، التي انطلقت بمبادرة من رئيس الحكومة بيدرو سانشيز عند تعيين الوزيرة رودريغيث، حيث تم بالفعل تخصيص استثمارات هامة لتنفيذ هذه الخطة. الوزيرة أكدت أن الخطة ستستمر حتى بعد عام 2027، حيث ستواصل الحكومة الإسبانية تقديم الدعم للمشاريع التنموية في المدينة.
وفي إطار المؤتمر نفسه، تحت شعار “مستقبل مليلية هو الآن”، شهدت ثانوية “فيخيرين دي لا فيكتوريا” انتخاب صابرينا موح، من أسرة من منطقة “إيت بويحي” في إقليم الناظور، كزعيمة جديدة للحزب الاشتراكي المحلي. كما تمت المصادقة على الهيئة التنفيذية الجديدة، التي ستقود الحزب في المستقبل. المداخلات السياسية خلال المؤتمر، بما في ذلك تلك التي قدمها مانويل إيرناندو، كاتب الدولة للاتصالات والبنية التحتية الرقمية، عكست دعماً كبيراً للمشروعات الكبرى في مليلية، حيث أكد إيرناندو أن المدينة ستشهد تنفيذ مشروع مستشفى جديد، وهو من بين المشاريع الكبرى التي تم الإشراف عليها من قبل الحزب الاشتراكي في الماضي.
لكن هذا التوجه السياسي لا يخلو من التحديات، خصوصًا في ظل التجاذبات السياسية القائمة في مليلية، حيث يسعى الحزب الشعبي الحاكم في المدينة إلى مواجهة مشاريع الحزب الاشتراكي العمالي. وقد انعكست هذه الصراعات السياسية بشكل مباشر على حياة المغاربة القاطنين في مليلية، الذين يجدون أنفسهم في صراع دائم بين تأثيرات السياسات المتباينة بين الحزبين. ففي الوقت الذي يدعم فيه الحزب الاشتراكي مشاريع سكنية واستثمارية تهدف إلى تحسين الحياة اليومية للمواطنين، يرى العديد من المغاربة أن هذا الدعم لا يعكس دائمًا احتياجاتهم الحقيقية، في ظل ارتفاع أسعار الإيجار وتزايد الفجوة الاجتماعية والاقتصادية.
إضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن المغاربة في مليلية يعانون من تهميش سياسي واقتصادي، في ظل صراع القوى السياسية الإسبانية على السلطة المحلية. فقد أصبح المغاربة في مليلية جزءًا من معادلة سياسية معقدة، حيث يسعى كل من الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي لجذب دعم هذه الفئة الاجتماعية من خلال وعود بتطوير مشاريع تنموية، مع تزايد الحواجز السياسية التي تؤثر على قدرتهم على تحقيق مطالبهم.
هذا التوجه السياسي يعكس رؤية الحكومة الإسبانية في تعزيز البنية التحتية في مليلية المحتلة، ويمثل جزءاً من رؤية طويلة الأمد للتطور الاجتماعي والاقتصادي في المدينة. ومع قيادة صابرينا موح في الحزب الاشتراكي المحلي، يتوقع أن تشهد مليلية مرحلة جديدة من التقدم والازدهار، حيث يعكف الحزب على تنفيذ مشاريع ملموسة تسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي في المدينة. ومع ذلك، يبقى من الضروري أن تحظى مطالب المغاربة في مليلية بمزيد من الاهتمام والتطبيق العملي لتحقيق المساواة في الفرص وتحسين ظروفهم الاجتماعية والسياسية.