kawalisrif@hotmail.com

الناظور … “فنان” من وهم يسقط في المستنقع … بوزيان يدعو الريفيات إلى الإقبال على الرذيلة !!

الناظور … “فنان” من وهم يسقط في المستنقع … بوزيان يدعو الريفيات إلى الإقبال على الرذيلة !!

“سقوط نجم من وهم”

يقال إن لكل جواد كبوة، لكن مسيرة المسمى كمال المخلوفي ، المعروف أيضًا بلقب “بوزيان”، تؤكد أن بعض الجياد لم تولد إلا لتعثر نفسها بنفسها. منذ أن تدحرج إلى الناظور واستقر في حي “لعري الشيخ”، لم يوفر بوزيان جهدًا في محاولة إقناع الناس بأنه “فنان” ، حتى لو اقتضى الأمر أن يستند إلى التقليد الأجوف والاقتباس المرتبك من أعمال غيره، مثل السلسلة الشهيرة “بوزيان وربيعة” التي حاول استنساخها دون روح ولا رائحة.

بلسان ثقيل، وخيال فني ضيق كعنق زجاجة، ومشاهد مكررة مملة كعروض السحر الرديء، خاض بوزيان هذا مغامرته الفنية مرتكنًا إلى عكازات الشفقة أكثر مما اعتمد على موهبة حقيقية التي يفتقدها … ورغم بعض ظهوره الهزيل في القنوات العمومية والعروض المسرحية، إلا أن حضوره ظل باهتًا؛ إذ كانت لحظات سقوط الديكور تثير الجمهور أكثر من أدائه البائس، وكأن القدر ذاته كان يسارع لكشف خواء بنيانه مع كل مشهد.

لم يكتفِ بوزيان بفشله الفني، بل قرر أن يتمادى إلى الانحدار الأخلاقي، حين خرج في دعوة فجة للريفيات إلى سهرات ليلية في أجواء تعج بدخان الشيشة وعواء المزمار، متوهمًا أن رقصه على أنغام “البندير” سيُكسِب الفجور رداء التراث. فما كان من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن انقضوا عليه كالسيل الجارف، حتى كادوا يمحون آخر ذرة من كرامته الافتراضية.

تبريراته المضحكة المبكية، التي حاول عبرها أن يغسل سقطته بدعوى الانتساب إلى “إمذيازن” – مجتمع المزمار والرقص التقليدي – لم تزده إلا سقوطًا مدويًا. فذاكرة الريف ليست قصيرة إلى هذا الحد؛ بل كانت ولا تزال تحفظ بعناية تحفظ الأجداد تجاه هذا المجتمع، الذي ظل على هامش الاحترام الاجتماعي، محروما من الأرض، والمصاهرة، وحتى من قداسة المساجد والمقابر.

السقوط الذي مارسه بوزيان أعاد إلى الذاكرة الريفية أسباب تحفظ الأجداد تجاه مجتمع “إمذيازن”، الذين رغم دورهم الفني الهامشي، ظلوا معزولين اجتماعيًا، محرومين من الامتيازات القبلية. تاريخ طويل من الحذر أفرز حكمة ريفية راسخة تُرددها الألسنة إلى اليوم:
“لا تضع سرك في قرن مزمار إمذيازن!”

رسالة مفعمة بالمعاني عن خطورة الثقة فيمن جعل من العرض مهنة، ومن الاستعراض غاية، ومن هز الأكتاف فلسفة حياة.

ولعل مهن “إمذيازن” على مر العصور تفضح حقيقتهم أكثر مما يدافعون به عن أنفسهم:

-طلب “لعوايد” عبر التسول الفني خلال موسم الحصاد والمناسبات، قصد إعداد “ثيغواوين والزميطة”.

-امتهان مهمة غريبة لا تحتاج لكثير ذكاء: مساعدة الدواب على التناسل عبر مسك القضيب حتى القذف.

-التبراح في الأسواق لنقل الأخبار والدعوات، وكأن الثرثرة مهنة رسمية.

-الرقص والغناء، وهي المساهمة الوحيدة المقبولة نسبيًا، حيث ساعدوا عن غير قصد في حفظ بعض الذاكرة الشعبية.

اليوم، وبعد أن لفظته الساحة الفنية كما تلفظ الريح قشة بالية، وجد بوزيان نفسه تائهًا بين بيع حلويات “الشباكية” بأوروبا وافتتاح مخبزة متواضعة بحي عريض بالناظور، وبين الغناء في الكاباريهات لجمع الإتاوات، يتنقل من مهنة إلى أخرى كمن يتنقل بين جمرات مشتعلة، بلا إتقان ولا كرامة.

دخل عالم الفن المحلي ليخرج منه بأضيق منافذ الفشل، وجمع في شخصه كل معاني التيه: لا هو بالحلواني المحترف، ولا بالمغني المقبول، ولا بالممثل الموهوب. مزيج عجيب من الفشل الفني، والضياع المهني، والارتماء في أحضان كل مهنة لا تحتاج سوى إلى كثير من الجرأة وقليل من المروءة.

رغم أن كثيرًا من “إمذيازن” نجحوا في الاندماج في المجتمع بعد فجر الاستقلال، إلا أن نماذج بائسة مثل بوزيان ما تزال شاهدة على أن الاستثناء السلبي موجود، وأن هز الأكتاف لا يزال حيًا عند البعض كطقس يومي.

مصطلح “هز لكتاف”، الذي كان قديمًا مرادفًا للشيخات، وجد في بوزيان وريثًا متحمسًا يصر على أن يهز آخر ما تبقى من ماء وجهه وسط تصفيق الكاباريهات وأدخنة النسيان.

في النهاية، لم يكن بوزيان حالة فنية استثنائية كما يتوهم، بل كان نتيجة طبيعية لفن بلا هوية، وتراث مزيف، ومحاولة فاشلة لارتداء عباءة الأصالة فوق جسد المجون.

سقط فنيًا حين رهن موهبته بالاقتباس الرخيص، وسقط أخلاقيًا حين خلط التراث بالانحلال، وسقط اجتماعيًا حين خان ذاكرة الريف التي طالما احترمت التراث الأصيل ولم تحتمل الإسفاف.

الدرس الذي يفترض أن يتعلمه بوزيان، ولو جاء متأخرًا:
“المزمار لا يغطي عورة المجون، والفن لا يستقيم بلا موهبة ولا أخلاق.”

27/04/2025

Related Posts