في زمن ليس ببعيد، كانت الناظور عنوانًا للنشاط الاقتصادي والرواج والحيوية … أما اليوم ، فقد قررت هذه المدينة –بكل عزم وتصميم– أن تخوض مغامرة من نوع آخر .. السير بسرعة الضوء نحو التخلف .
البنية التحتية؟ لا داعي للحديث، فقد أصبحت قصصًا من الماضي، وأصبحت الحفر في الشوارع من معالم المدينة الرسمية … المساحات الخضراء؟ صارت مجرد ذكريات بلون الرماد ، أما الفضاءات العامة فتحولت إلى مناطق أشباح تبحث عن سكان أو ربما عن حياة.
وسط كل هذا التراجع المنظم، يقبع مجلس جماعة الناظور في سبات أسطوري عميق، أغلبية ومعارضة وبدون إستثناء ، وكأنهم يؤدون بطولة في لعبة “الغميضة” مع معاناة الساكنة … فلا مشاريع حقيقية تلوح في الأفق، ولا مبادرات ترى النور، فقط خطب رنانة ووعود موسمية تتطاير مع أول نسمة ريح.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، جاء التعليق ساخرًا وموجعًا في آن: كتب ميمون أبوزياد، وقد أجاد الوصف:
“إنهم يجمعون قواهم لآخر لحظة من عمر ولايتهم، كعادة السياسي الفاشل، ينتظرون آخر ساعة ليقوموا ببعض الرتوشات: ترقيع هنا، تبليط هناك، وطلاء بعض الأرصفة بلون الأمل الزائف… فقط لاستعطاف المواطن الغافل وإقناعه بإعادة تدوير نفس الوجوه في الانتخابات القادمة.”
أما المدون أحمد ازدوفل فاختصر الواقع بجملة تحمل كل معاني المرارة:
“الأمر أعمق من حصر هذا الواقع المرير في أداء المجلس الجماعي.” وكأنه يقول لنا بلطف: أن الفشل هنا ليس خطأ عابرا بل منظومة متكاملة تآمرت على هذه المدينة منذ الإستقلال .
وفي مشهد ختامي يليق بهذه المأساة، كتب ميمون بولشيوخ، بعبارة نابعة من القلب:
“الناظور يتمسّخ آ ثومات السي محمذ”،
وهي عبارة تختزل ببساطة كل ما يمكن أن يُقال: الناظور لم تعد تتراجع فقط، بل أصبحت تتمايل في درب “المسخ الحضاري”، تحت أنظار من كانوا يفترض أنهم حماة مصلحتها.
ويبقى السؤال المؤلم: متى يستفيق الغارقون في سباتهم قبل أن تغرق الناظور بما تبقى من أحلامها ؟.