في مشهد يؤكد أن الفساد مهما طال أمده لا بد أن ينكشف، أصدر عامل إقليم الناظور جمال الشعراني تعليماته الصارمة بإلغاء صفقة تهيئة بعض شوارع المدينة التي أثارت زوبعة من الجدل والغضب، بعد تحقيق صحفي نشرته جريدة “كواليس الريف” كشف خيوط الفضيحة.
الصفقة، التي كانت قد رست في ظروف مشبوهة على شركتين يشتبه في ارتباطهما بعلاقات خاصة مع الكاتب العام السابق لعمالة الناظور، تم إلغاؤها بشكل رسمي، بعد تأكد العامل من أن المسار الذي مرت منه لم يكن سليمًا ولا يحترم مبادئ الشفافية والمنافسة النزيهة ، وقرر إعادة إعلان الصفقة عبر المنصة الرسمية، على أن يتم فتح الأظرفة بمقر جماعة الناظور يومي 5 و6 ماي المقبل، ما يفتح الباب أمام منافسة شريفة تتيح فرصًا متكافئة أمام الشركات الجادة.
تفاصيل الصفقة الملغاة تكشف عن “مسرحية” سيئة الإخراج، حيث تم تفصيل شروط المنافسة على مقاس شركتين بعينهما: “Source Bleue Grands Projets SBGP” و “ADIMPRO S.A.R.L”، اللتين، بحسب مصادر مطلعة، كانتا تعلمان مسبقًا بنصيبهما من “الكعكة”، ما يطرح تساؤلات ملحة حول مدى اختراق مبدأ تكافؤ الفرص.
الكاتب العام السابق، الذي أُعفي مؤخرًا من مهامه بالناظور ليعود بشكل مثير للجدل ككاتب عام بعمالة سيدي سليمان، كان أحد أبرز خيوط اللعبة، خاصة مع ظهور معطيات تربطه بشكل وثيق بأطراف مستفيدة من الصفقة.
ملايين السنتيمات كانت على وشك أن تُهدر مقابل ترقيعات لا ترقى لمستوى تطلعات ساكنة الناظور، التي تئن تحت وطأة البنية التحتية المتهالكة. فبدل إصلاح جذري حقيقي، كانت بعض الأزقة ستُرَقَّع ترقيعًا، على الورق أكثر مما على أرض الواقع، بينما تُصرف الفواتير السمينة في صمت.
بتدخله الصارم، وجه عامل إقليم الناظور رسالة واضحة مفادها أن زمن الصفقات المفصلة حسب الطلب قد ولى، وأن المرحلة المقبلة تقتضي الشفافية والقطع مع كل أشكال التلاعب. خطوة تحظى بترحيب واسع من الشارع الناظوري، الذي يعلق آماله على أن تكون هذه البداية لإعادة الاعتبار إلى مدينة تحتاج إلى تنمية حقيقية بدل مشاريع صورية هدفها الأول إرضاء جيوب بعض المتنفذين.
ويبقى السؤال الكبير: هل ستتم محاسبة المتورطين، أم أن الاكتفاء بإلغاء الصفقة سيكون كافيًا لإسدال الستار على واحدة من أكثر فضائح الصفقات العمومية بشاعة في الإقليم؟
— مقال ذي صلة :
28/04/2025
