في مشهد لا يخلو من المفارقات، خرج دانييل فينتورا، مستشار البيئة بحكومة مليلية ، ليعبر عن أسفه العميق لأن حزب ڤوكس وأمين أزماني المغربي “لا يفهمان أي شيء على الإطلاق” – وكأن العالم كان يتوقع منهما أن يتفوقا في اختبارات الفهم البيئي المعقدة التي تتطلب عبقرية نادرة.
بكل جدية، يوضح فينتورا أن استغلال وصيانة دورات المياه من اختصاص الحكومة المحلية، وكأنه يكتشف هذه الحقيقة لتوّه، بينما يعترف في مشهد درامي آخر أن حكومة حزبه (الحزب الشعبي) “تشعر بأنها تعرضت للخداع” من قِبل الكونفدرالية الهيدروغرافية لوادي الكبير (CHG). من الواضح أن حكومته تتعامل مع مشاريع استراتيجية كمن يلعب لعبة الحظ، ينتظر الفوز ثم يشتكي من الخداع.
ولم يتوقف الإبهار هنا، بل كشف المستشار البيئي أن “الوحدة الرابعة” لمحطة تحلية المياه، التي أنفقت عليها الدولة بسخاء مبلغ 30 مليون يورو، لم تنفجر فحسب، بل احتاجت “تدخلاً طارئًا” لإصلاحها. هل انفجار وحدة بهذا ال كان مفاجأة ؟ يبدو أن الخطة كانت تتوقع أن تعمل من تلقاء نفسها إلى الأبد، دون كهرباء أو صيانة !
ولإكمال العرض، يستحضر المستشار ذكريات بطولية عن وعود قديمة قدمتها الكونفدرالية الهيدروغرافية بأن مليلية ستحظى بمياه صالحة للشرب 24 ساعة يوميًا. ويا للدهشة! تبين أن هذا الوعد كان مجرد حلم وردي آخر، إذ أن “مد شبكة الكهرباء”، وهي من بديهيات تشغيل محطات التحلية، لم يُنجز رغم مرور عامين. يبدو أن مشاريع البنية التحتية تُدار بمنطق “دعه يعمل دعه يمر”، أو بالأحرى “دعه يتعطل دعه ينفجر”.
ويستمر فينتورا في تبريراته الذهبية، موضحًا أن توفير 32 ألف متر مكعب من المياه يوميًا رهين بتوافر شبكة مياه جديدة وكهرباء موجودة في عالم موازي، غير الذي يعيش فيه المواطنون. وعلى هذه الوتيرة، قد يتحقق حلم المياه المستمرة، لكن ربما بعد عدة انفجارات إضافية وبعض المؤتمرات الصحفية الحزينة.
أما فيما يخص أمين أزماني، فقد أبدع فينتورا مرة أخرى في ممارسة هوايته المفضلة: توزيع الانتقادات والاتهامات، مدعيًا أن هناك “فائضًا ماليًا” سنويًا من برنامج تركيب الخزانات، دون أن ينسى أن يتهم أزماني بـ”استغلال الناس سياسيًا”، رغم أن المشهد السياسي بأكمله أصبح يبدو وكأنه مسرح هزلي بطلُه مستشار البيئة نفسه.
وفي ختام عرضه المسرحي، ينفي فينتورا ساخرًا أن يكون قد سخر من المواطنين الذين يضطرون للاستحمام باستخدام الدلو، موجهًا سهام اتهامه إلى “بعض الأشخاص غير المتحضرين” الذين يلوثون الجداول. ولا عجب هنا: فمن الواضح أن الحكومة، التي عجزت عن توفير المياه، وجدت أخيرًا من تُلقي عليه اللوم.
28/04/2025