في مشهد يثير الذهول ويطرح أكثر من علامة استفهام، تم ضبط حافلة النقل المدرسي، التي خُصصت لمحاربة الهدر المدرسي بالعالم القروي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مركونة أمام منزل أحد نواب رئيس جماعة بوعرك… خارج إطارها القانوني، وخارج حدود الجماعة نفسها!
هذه الحافلة، التي من المفترض أن تخدم أطفال القرى وتوفر لهم وسيلة آمنة للوصول إلى مقاعد الدراسة، تحولت إلى وسيلة مجهولة الغرض، بلا لوحات ترقيم رسمية، وبلا حراسة، في تحدٍّ صارخ للقوانين والتنظيمات التي تؤطر هذا النوع من الخدمات الاجتماعية.
ما يُثير الصدمة أكثر هو الصمت المطبق من طرف رئيس الجماعة، الذي لم يحرّك ساكنًا تجاه هذا التصرف المستفز، متجاهلًا مسؤوليته المباشرة في حماية الممتلكات العمومية وضمان استخدامها في الأغراض التي خُصصت لها. كيف غادرت هذه الحافلة المرآب الرسمي؟ ولماذا تم تسليمها قبل أن تُجهز قانونيًا وإداريًا؟ ومن سمح باستخدامها في حي “العمران”، التابع لجماعة أخرى، لأغراض يلفها الغموض؟
الخطير في الأمر هو ما يتداوله البعض من استعمال محتمل للحافلة في أنشطة ذات طابع سياسي، وهو ما يُعد استغلالًا فجًّا لمرفق عمومي لأغراض شخصية أو انتخابية، في انتهاك صريح لأبسط قواعد الشفافية والمصلحة العامة.
أبناء جماعة بوعرك، الذين يقطعون كيلومترات مشيًا للوصول إلى مدارسهم يوميًا، ينظرون بمرارة إلى هذه الحافلة التي يفترض أن تكون وسيلتهم نحو المستقبل، فإذا بها تقف خاملة بلا فائدة، تُركن أمام بيت مسؤول، كأنها هدية لا وسيلة عمومية.
وأمام هذا العبث، تتعالى أصوات المجتمع المدني والمواطنين مطالبين بـ:
- فتح تحقيق عاجل من قبل عمالة إقليم الناظور لكشف خيوط هذه الواقعة الغامضة.
- استرجاع الحافلة فورًا إلى مقر الجماعة ووضعها تحت الإشراف الرسمي.
- إخضاعها للمراقبة القانونية وتجهيزها بلوحات الترقيم والتأمين المطلوبين.
- محاسبة المتورطين، إداريًا وقضائيًا، على هذا التصرف غير المسؤول.
إن ما يحدث في جماعة بوعرك ليس مجرد حادث عرضي، بل نموذج صارخ لسوء تدبير المرافق العمومية، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى توجيه كل الإمكانيات لخدمة المواطن، لا لتكريس الريع وتسيّب المسؤولية.
01/05/2025