ها هو المغرب اليوم يقف على عتبة زمن ديموغرافي جديد، يحمل في طياته تحولات عميقة تُنذر بتغيير جذري في تركيبة المجتمع .. “الخريف الديموغرافي” لم يعد مجرد مصطلح مستقبلي، بل واقع يلوح في الأفق القريب، يرسم ملامح تحديات جسيمة أمام الحكومة المقبلة، في ظل تراجع عدد الأطفال والشباب، وزحف الشيخوخة نحو قلب الهرم السكاني.
وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بن يحيى، كشفت خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، عن معطيات صادمة أفرزها الإحصاء العام للسكان والسكنى. معطيات تفرض استراتيجيات غير مسبوقة، وتدفع نحو إعادة هندسة السياسات العمومية على وقع تغيرات لم تكن في الحسبان.
“الأزمة ليست فقط أرقاماً”، تقول الوزيرة، بل إنها “تحدٍ وجودي”، في وقت تعصف فيه المتغيرات الديموغرافية والاقتصادية والقيمية بأسس الأسرة والمجتمع، ما يجعل من الفضاء الأسري حائط الصد الأخير في وجه الانهيارات الاجتماعية، والعنف، والتمييز، والتهميش.
الرؤية الجديدة تنبع من توجيهات ملكية سامية أكدت على مركزية الأسرة كقلب نابض للدولة الاجتماعية، وضمانة للاستقرار والتماسك، ورافعة للوقاية من المخاطر المتربصة.
لكن الأرقام لا تكذب، بل تصفع: معدل نمو الأسر ارتفع إلى 2.4%، فيما انخفض متوسط حجم الأسرة من 6.4 أفراد في 2014 إلى 3.9 في 2024! الأسوأ من ذلك؟ الكارثة القادمة تحمل عنوان “شيخوخة بثلاثة أضعاف”، مقابل انحدار في أعداد الأطفال.
ولعل ما يلفت الانتباه أكثر هو الارتفاع المستمر في عدد الأسر التي ترأسها النساء، والتي قفزت من 15.2% إلى 19.2%. مشهد جديد يتشكل، بأدوار جديدة، ومسؤوليات أثقل.
المغرب إذن على مفترق طرق… إما أن يواجه هذه التحولات برؤية جريئة وإصلاحات عميقة، أو أن يترك الزمن يفعل فعله في مجتمع يتغير بصمت.
01/05/2025