في قلب مدينة وجدة، تتكشّف فصول مثيرة لملف شائك ظل طي الكتمان لسنوات يتعلق بالمبالغ المستحقة على الأراضي غير المبنية داخل المجال الحضري، والتي تُعرف بـ”ضريبة الأراضي غير المبنية” (TNB)، أصبحت اليوم عنواناً صارخاً للفساد الإداري والتلاعب المالي.
رغم أن هذه الضريبة واجبة الأداء منذ سنة 2015، إلا أن الواقع يكشف عن عملية تمويه محكمة، حيث تحوّلت ملفات التحصيل إلى لعبة مكشوفة بين رئيس جماعة وجدة وبعض نوابه. مراسلات وهمية، ابتكارات احتيالية، وغضّ طرف ممنهج عن التحصيل، جعلت المستحقات الجماعية مجرّد أرقام على الورق، بينما الحقيقة أكثر سوداوية.
تؤكد معطيات موثوقة أن المحاباة السياسية كانت العنوان الأبرز، حيث يتم تقليص المساحات الحقيقية للأراضي بشكل مقصود، لتخفيض قيمة الضريبة، في عمليات يُشتبه أنها تمت بتواطؤ بين بعض موظفي قسم الجبايات ومستشارين محليين راكموا ثروات ضخمة في زمن قياسي.
الفضيحة لا تقف عند حدود التلاعب الضريبي، بل تتعداه إلى تفويت تجزئات عقارية بأكملها دون احترام المساطر القانونية ولا أداء واجباتها، في وقت تغرق فيه مالية الجماعة بعجز خانق، وتغيب فيه مشاريع تنموية حقيقية.
كل هذه الفوضى دفعت وزارة المالية أخيراً إلى سحب البساط من تحت أرجل رؤساء الجماعات، وإسناد عملية التحصيل الضريبي إلى مديرية الضرائب، في خطوة وصفت بـ”الإنقاذية”، وسط آمال بأن تفكك هذه الإدارة ما كان يُدار في الخفاء لسنوات طويلة.
قسم الجبايات بجماعة وجدة اليوم أمام رهان حقيقي: إما أن يُفتح وتُكشف أوراقه، أو أن يبقى شاهداً صامتاً على نزيف مالي خطير حوّل مرفقاً عمومياً إلى “ضيعة خاصة” لبقرات سمان… تُحلب في الظلام. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: من يُنقذ البقية قبل أن تتحوّل إلى بقرات عجاف؟
02/05/2025