kawalisrif@hotmail.com

جزيرة “الفزّان” بين فرنسا وإسبانيا … قطعة أرض تتناوبها السيادة كل ستة أشهر وتختزل مأساة الإنسانية!

جزيرة “الفزّان” بين فرنسا وإسبانيا … قطعة أرض تتناوبها السيادة كل ستة أشهر وتختزل مأساة الإنسانية!

في قلب نهر بيداسوا الفاصل بين الأراضي الفرنسية والإسبانية، تستقرّ جزيرة ضئيلة الحجم، لكنها ثقيلة الرمزية: جزيرة “الفزّان” (Isla de los Faisanes). رغم أن مساحتها لا تتجاوز 2000 متر مربع، إلا أنها تحمل في طيّاتها واحدة من أغرب الترتيبات الدبلوماسية في العالم: سيادة مزدوجة بالتناوب بين باريس ومدريد، تتغيّر كل ستة أشهر!

هذه الجزيرة، التي شهدت في عام 1659 توقيع “معاهدة البيريناي” التي أنهت حربًا طويلة بين البلدين، تحوّلت إلى رمز نادر للتوافق الأوروبي، حيث تُسلَّم السيادة مرتين سنويًا—في 1 فبراير لإسبانيا، وفي 1 أغسطس لفرنسا—وسط مراسم عسكرية تكرّس الطابع الرمزي لهذا التناوب.

لكن، تحت هذا المشهد السلمي الظاهري، تختبئ تساؤلات قانونية وإنسانية عميقة. ماذا لو عُثر على جثة في لحظة الفراغ بين السيادتين؟ من يتحمل المسؤولية؟ هذا السؤال المعلّق ألهم المخرج الإسباني آسير أوربيتا لصناعة فيلمه الجديد “جزيرة الفزّان”، الذي يحوّل الجزيرة الصغيرة إلى مسرح كبير يُعرّي هشاشة المواقف الأوروبية تجاه قضايا الهجرة والعنصرية.

في الفيلم، يلقى مهاجر إفريقي شاب حتفه غرقًا أثناء محاولته العبور إلى فرنسا، وتلقي به الأمواج على الجزيرة تمامًا في لحظة تبادل السيادة. النتيجة؟ تجاهل رسمي من الطرفين، إذ يتهرّب كل منهما من المسؤولية، وكأن الجثة باتت في “منطقة رمادية” لا تخص أحدًا.

يعلّق أوربيتا بمرارة: “في أوروبا اليوم، هناك موتى من الدرجة الأولى وموتى من الدرجة الثانية، وفقًا للمصالح السياسية وتغطية الإعلام.”

وهكذا، تتحوّل جزيرة لا تُسكنها الأرواح إلى مرآة تعكس بؤس من تُنتزع أرواحهم على ضفّتيها. بين التشريعات الجامدة، والصراعات السيادية، والتناقضات الأخلاقية، تظلّ الأرواح المهاجرة حبيسة مساحة لا يعترف بها أحد… أرض لا وطن فيها ولا عزاء.

03/05/2025

Related Posts