منذ دخول قانون الذاكرة الديمقراطية حيز التنفيذ في أكتوبر 2022، شهدت القنصليات الإسبانية حول العالم، خاصة في أمريكا اللاتينية، ضغطًا غير مسبوق بسبب الكم الهائل من طلبات الحصول على الجنسية الإسبانية. هذا القانون، الذي أقرته حكومة بيدرو سانشيز، يمنح أبناء وأحفاد المنفيين والمهاجرين الإسبان الحق في طلب الجنسية، في خطوة وصفها رئيس الحكومة بأنها “تأخر كثيرًا وجاء لسداد دين تاريخي للمدافعين عن الديمقراطية”.
لكن وعلى الرغم من النوايا الحسنة، فإن الواقع الميداني يروي قصة مختلفة. فقد استقبلت القنصليات أكثر من 680 ألف طلب، بينما لم تتم معالجة سوى 30% فقط (200,364 طلب)، وتم رفض 3,800 طلب، فيما بقيت أكثر من 474 ألف حالة عالقة تنتظر البتّ، وهو ما أثار موجة انتقادات وغضب واسع، خاصة من عائلات القاصرين الذين تُركوا دون أي وضع قانوني واضح.
القنصليات الإسبانية تعترف علنًا بأن المواعيد قد تتأخر لـ”عدة أشهر وربما سنوات”، بسبب محدودية الموارد مقارنة بحجم الطلبات. وتشير وزارة الخارجية إلى أن الأرقام الحالية تتجاوز بكثير تلك التي عرفها قانون الذاكرة التاريخية لعام 2007، رغم التحسينات الإدارية التي تم إدخالها مؤخرًا.
تتباين نسب المعالجة من قنصلية لأخرى، ما يزيد من حدة الاستياء العام. ففي ساو باولو (البرازيل)، تمت معالجة فقط 4.5% من أصل 55 ألف طلب. بالمقابل، تجاوزت النسبة 45% في مكسيكو سيتي و35% في روزاريو (الأرجنتين). أما في هافانا (كوبا)، فإن الحصول على موعد قد يتطلب الانتظار لمدة عام كامل، في ظل انتشار سوق سوداء للمواعيد تُباع فيها مقابل مبالغ تتراوح بين 80 و200 يورو.
استقبل أمين المظالم الإسباني العديد من الشكاوى التي تتمحور حول بطء تسجيل الطلبات وتراكم الملفات في القنصليات. وقد نبّهت جهات قانونية إلى أن استمرار هذا الوضع يهدد حقوق آلاف القاصرين ويضعهم في وضعية قانونية هشّة، محرومين من الخدمات والامتيازات التي تتيحها الجنسية الإسبانية.
استجابةً لهذه الأزمة، شرعت وزارة الخارجية الإسبانية في اتخاذ مجموعة من التدابير:
-تعزيز الموارد البشرية بإضافة 150 موظفًا جديدًا.
-تعيين ثلاث قنصليات مساعدة في هافانا، مكسيكو سيتي، وبوينسيرس.
-إطلاق نظام إلكتروني جديد لحجز المواعيد، يتم اختباره حاليًا في قنصلية كوستاريكا.
رغم هذه الجهود، يبقى الطريق طويلًا أمام معالجة الكم الهائل من الطلبات، وضمان احترام حقوق آلاف الأسر، لا سيما الأطفال الذين ينتظرون اعترافًا بجنسيتهم.
03/05/2025