في خضم التعديلات التي طرأت على قانون الهجرة في إسبانيا، يجد آلاف طالبي اللجوء أنفسهم عالقين بين مطرقة القوانين وسندان الواقع، في ظروف قانونية واجتماعية تهدد استقرارهم وتفتح الباب أمام الاستغلال والهشاشة.
ياخايرا، لاجئة من هندوراس، هي واحدة من آلاف القصص التي تجسد المأساة. بعد أن فقدت زوجها في جريمة عنف دموية، هربت إلى إسبانيا رفقة طفليها بحثًا عن الأمان. وبالفعل، بدأت حياتها تستقر تدريجيًا في برشلونة، حيث وجدت عملًا في مقهى واستأجرت منزلًا بسيطًا. لكن الأمان الذي طمحت إليه ما لبث أن تلاشى بفعل تعديلات قانون الهجرة الجديدة.
اضطرت ياخايرا إلى سحب طلب اللجوء، خوفًا من البقاء سنوات دون وثائق قانونية، لتجد نفسها فجأة دون وظيفة، وتلجأ إلى العمل غير النظامي في التنظيف، ما جعلها عرضة للاستغلال والانهيار الاقتصادي.
التعديلات التي دخلت حيز التنفيذ في ماي 2025 جاءت بحزمة من الشروط التي وصفها كثيرون بـ”القاسية” و”غير الواقعية”، أبرزها:
-عدم احتساب مدة الإقامة القانونية لطالبي اللجوء المرفوضين، مما يُجبرهم على بدء إجراءات جديدة من الصفر بعد عامين.
-اشتراط ستة أشهر من العيش بلا أوراق للحصول على تسوية استثنائية، ما يضع اللاجئ في خطر فقدان عمله.
تأخيرات بيروقراطية مزمنة، إذ ينتظر البعض لأكثر من ثلاث سنوات دون أي رد من السلطات. هذه السياسة أثارت موجة انتقادات من جمعيات ومنظمات حقوقية بارزة مثل CEAR وRed Acoge، معتبرة أن التعديلات:
-تنتهك الحق الأساسي في طلب اللجوء.
-تدفع المهاجرين نحو سوق العمل غير النظامي.
-تتجاهل الوضع الحرج لضحايا العنف من دول مثل كولومبيا وهندوراس.
في المقابل، دافعت الحكومة الإسبانية عن القانون، حيث أكدت وزيرة الإدماج، إيلمو سايز، أن الهدف هو الحد من “سوء استخدام” نظام اللجوء، وتسريع الإجراءات لمن يستحقون فعلاً الحماية الدولية.
غير أن الواقع يشير إلى شيء آخر، فالتعديلات الجديدة لم تُنظّم أوضاع المهاجرين بقدر ما زادت من هشاشتهم، وأدخلت الآلاف في دوامة قانونية ومعيشية لا نهاية لها. إنه نداء مفتوح لإعادة النظر في هذه السياسات، ولتذكير صناع القرار بأن خلف كل ملف لجوء، قصة إنسان يبحث عن الأمان والكرامة.
03/05/2025
