أثار مشروع القانون المغربي الرامي إلى تشديد العقوبات على كل من يسهّل أو يروّج لهجرة القاصرين غير النظامية اهتمام الإعلام الدولي، وفي مقدمته الصحافة الإسبانية، التي تابعت باهتمام هذه المبادرة التشريعية بالنظر إلى تأثيرها المباشر على واقع الهجرة نحو إسبانيا، خصوصًا عبر سبتة ومليلية المحتلتين.
وفي سياق تصاعد الضغوط على الحدود الشمالية للمغرب، قدّم الفريق البرلماني لحزب الحركة الشعبية مقترح قانون إلى مجلس النواب، يقضي بتعديل القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب وبالهجرة غير النظامية، عبر إدراج عقوبات أشدّ صرامة في حق من يحرّض أو يسهّل هجرة القاصرين، سواء على أرض الواقع أو عبر المنصات الرقمية.
ينصّ المقترح على معاقبة من يُغري أو يخدع قاصرًا بغرض الهجرة غير الشرعية بالسجن من 5 إلى 10 سنوات، وبغرامات مالية تتراوح بين 100.000 و500.000 درهم، كما يجرّم التحريض أو الترويج أو التمجيد للهجرة السرية، حتى وإن تم ذلك من خلال نشر محتويات مضللة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. خطوة فسّرتها الصحافة الإسبانية بأنها تمثل تحوّلًا واضحًا في المقاربة المغربية التي باتت تعتبر الفضاء الرقمي من أبرز روافد التأثير في قرارات القاصرين المغامرين نحو “الفردوس الأوروبي”.
لكن في المقابل، أثار المقترح جدلًا داخل الأوساط الحقوقية. إذ يرى إدريس الصدراوي، رئيس العصبة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، في تصريح صحفي، أن الاكتفاء بالمقاربة الزجرية لن يكون كافيًا لمعالجة الظاهرة، مؤكدًا أن هجرة القاصرين تعكس فشل السياسات العمومية في مجالات أساسية كالتنمية، والتعليم، والتشغيل، والحماية الاجتماعية.
وشدّد الصدراوي على أن القاصر المهاجر هو ضحية فقدان الأفق، وأن تجريمه دون معالجة الأسباب الجذرية لن يفضي إلى حلول مستدامة، داعيًا إلى مقاربة شمولية تُعيد الثقة بين الدولة والشباب، وتدمجهم في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية من خلال إصلاح التعليم، وإطلاق برامج تشغيلية، وتعزيز التربية على المواطنة والانتماء.
يحمل مشروع القانون أبعادًا استراتيجية؛ فهو من جهة يبعث برسالة طمأنة إلى الشركاء الأوروبيين، ويؤكد التزام المغرب بالتصدي للهجرة غير النظامية، لا سيما ما يتعلّق بالقاصرين، ومن جهة أخرى يسعى إلى سدّ الثغرات القانونية الداخلية عبر تحديث التشريعات بما يواكب التحولات الرقمية والاجتماعية.
غير أن التفاعل الحقوقي والإعلامي مع المشروع يؤكد الحاجة إلى توازن بين الحزم القانوني والمعالجة الاجتماعية الشاملة، خاصة أن دوافع القاصرين للهجرة لا ترتبط فقط بالتحريض، بل تنبع أساسًا من هشاشة الواقع وفقدان الأمل في المستقبل.
06/05/2025