شدد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على أن العقوبات البديلة تمثل توجهاً إصلاحياً حديثاً يهدف إلى تجاوز محدودية العقوبات الحبسية، منبهاً إلى أن الحكم بها يجب أن يقتصر فقط على الحالات التي كانت معرضة فعلاً للسجن. وأكد أن الغاية من هذه المقاربة هي جعل العقوبات أكثر نجاعة وملاءمة، في سياق فلسفة جديدة تركز على إصلاح سلوك الجانحين لا الاكتفاء بمعاقبتهم.
وأوضح عبد النباوي، خلال افتتاحه لأشغال يومين دراسيين بالرباط، أن العقوبات البديلة، مثل العمل لأجل المنفعة العامة أو المراقبة الإلكترونية، تُنفذ في فضاءات مفتوحة وتحافظ على الحياة الطبيعية للمحكوم عليه، ما يتيح له فرصاً أفضل للاندماج وعدم الانقطاع عن محيطه الاجتماعي والمهني. وأضاف أن تطبيق هذه العقوبات سيتطلب فترة تجريبية لتقييم فعاليتها، وسيخضع لتتبع دقيق من قبل السلطة القضائية والقطاعات المعنية.
كما أبرز المسؤول القضائي أن العقوبات السالبة للحرية، رغم دورها التاريخي في تأديب المخالفين، أصبحت مكلفة اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، ما قلل من فعاليتها، خاصة مع الاكتظاظ ونقص التأطير داخل المؤسسات السجنية. وأشار إلى أن الدول المتقدمة توجهت منذ عقود نحو تقليص الاعتماد على السجن لصالح عقوبات بديلة أثبتت فعاليتها في خفض نسب العود للجريمة.
وكشف عبد النباوي أن الدراسات أظهرت أن العقوبات البديلة أكثر فائدة في حالات معينة، كالإدمان، وأقل كلفة على الدولة، حيث قد تصل نسبة التوفير إلى عشرة أضعاف مقارنة بالسجن، بل وقد تحقق عائداً إيجابياً للمجتمع. ودعا في ختام مداخلته إلى ضرورة تعبئة شاملة من كل الفاعلين لضمان نجاح هذا التحول التشريعي، وتحقيق الأهداف المتوخاة منه في الإصلاح والردع.
07/05/2025