kawalisrif@hotmail.com

مليلية المحتلة … سيدة “ميتة” تحارب من أجل الحياة مجددا !

مليلية المحتلة … سيدة “ميتة” تحارب من أجل الحياة مجددا !

في مشهد سريالي لا يخرج إلا من عباءة البيروقراطية الإسبانية الثقيلة، وجدت سيدة مسنّة من مدينة مليلية نفسها ضحية لما يمكن وصفه بـ”اغتيال إداري” بدم بارد، بعد أن قرّر موظف في السجل المدني – بكبسة زر أو خط توقيع مرتجف – إعلان وفاتها رسميًا، وهي واقفة أمامه بكامل وعيها، تحاول فقط تسجيل وفاة ابنها الحقيقي.

منذ 26 مارس، تعيش السيدة – البالغة من العمر 86 عامًا – ما يشبه القيامة الإدارية، بكل ما تحمله الكلمة من عذاب وتجريد. كانت تسعى، في حزنها، إلى إنهاء إجراءات توديع ابنها المتوفى، ففوجئت بأنها هي من تم “دفنها” إداريًا، بينما سُجّل اسم ابنها الراحل كمُبلّغ عن وفاتها!

الخطأ الجسيم لم يُكتشف إلا بفضل شركة دفن الموتى – التي، ويا للمفارقة، أثبتت أنها أكثر يقظة ومهنية من بعض الإدارات الرسمية. لكن الضرر كان قد حدث: تم شطب السيدة من جميع قواعد بيانات المؤسسات العمومية، أُلغيت هويتها الوطنية، أُوقفت معاشاتها، وتحولت – بقرار إداري – إلى مجرد “ظل قانوني”… لا وجود له.

وبينما يفترض أن تبادر الإدارات إلى تصحيح ما أفسدته، وجدت العائلة نفسها مجبرة على التجول بين مكاتب الدولة وهي تحمل “شهادة حياة” لإثبات أن والدتهم ما زالت تتنفس – رغم أنف الوثائق الرسمية! لقد تحوّل الخطأ إلى كابوس “كافكاوي” يستحق أن يكون مادة للأفلام أو على الأقل فصلاً دراسيًا في كليات الإدارة والقانون.

السيدة، التي أثبتت بنفسها – لا من خلال الوثائق – أنها ما زالت على قيد الحياة، تقدّمت بشكوى رسمية طالبت فيها بمحاسبة المتسببين، ولم تستبعد اللجوء إلى القضاء، على أمل ألا تُسجَّل هناك أيضًا كـ”متوفاة قانونيًا”.

أما ابنها، خوان خوسيه فلورينسا، فقد كتب رسالة مفتوحة كاشفًا فيها تفاصيل هذه الفضيحة، ومعبرًا عن أسفه لأن على العائلة إصلاح خطأ لم ترتكبه، وسط ألم فقدان الأخ والمعاناة مع جدران الإدارة الصمّاء.

وفي ختام رسالته، لم ينسَ تقديم الشكر لموظفي مكتب بطاقة الهوية في مليلية، الذين ساعدوا والدته على استرجاع وثائقها في الوقت المناسب، إذ كانت تستعد للسفر إلى مدريد. ومن حسن الحظ أنهم تداركوا الأمر، فالسفر جوًا… أمرٌ مستحيل عندما تكون ميتًا في نظر الدولة!

07/05/2025

Related Posts