kawalisrif@hotmail.com

مراسيم إنزال العلم الإسباني في مليلية المحتلة … احتفال فوق جراح التاريخ

مراسيم إنزال العلم الإسباني في مليلية المحتلة … احتفال فوق جراح التاريخ

في مشهد يتكرر كل شهر لتكريس واقع الاحتلال وفرض رموزه، أعلنت القيادة العسكرية الإسبانية في مدينة مليلية المغربية المحتلة أنها ستنظم مراسم إنزال العلم الإسباني بحي “تيسوريو” يوم الخميس 13 ماي، وذلك في إطار تخليد الذكرى الـ181 لتأسيس الحرس المدني الإسباني، أحد أعمدة الهيمنة العسكرية والاستعمارية.

الحدث، الذي يُروَّج له كطقس رسمي “لتقريب المؤسسة العسكرية من المواطنين”، لا يعدو أن يكون محاولة دعائية لتلميع وجه الاحتلال، وإضفاء الشرعية على وجود غريب يُصرّ على غرس أعلامه وراياته في تراب ليس له. فـ”مليلية” ليست مجرد مدينة إسبانية حدودية، بل أرض مغربية مسلوبة، لا تزال تنتظر استكمال استقلالها.

اختيار حي “تيسوريو” لإقامة المراسم، بدلًا من الموقع التقليدي قرب مقر القيادة العامة، يأتي ضمن سياسة ممنهجة لزرع الرموز الاستعمارية في كل ركن من أركان المدينة، والتغلغل في وجدان ساكنتها الأصليين. ويشارك في هذا الاستعراض العسكري فوج “ألكانتارا 10″، الذي يحمل في تاريخه إرثًا من التدخلات العسكرية، مدعومًا بوحدات موسيقية وعسكرية تُطبل وتُزمر في سياق استعراضي لا يخفي جوهره الاحتلالي.

ويترأس المراسم القائد العام للمدينة “لويس كورتيز ديلغادو”، بحضور ممثلين مدنيين وعسكريين، في مشهد لا يخلو من الاستفزاز لكرامة الشعب المغربي، ولساكنة مليلية الأمازيغ الذين حافظوا على جذورهم وهويتهم، رغم محاولات طمسها.

تزامن هذه المراسم مع ذكرى تأسيس الحرس المدني الإسباني ليس بريئًا؛ فهذه المؤسسة التي يقدّمها الإعلام الإسباني على أنها “رمز للوحدة” لعبت دورًا مركزيًا في فرض القبضة الأمنية على المدينة ومحيطها منذ احتلالها، وهي اليوم تواصل أداء هذا الدور في زيّ جديد وشعارات زائفة.

والحديث عن “التقارب بين الجيش والمجتمع المدني” في سياق احتلال، هو مغالطة خطيرة تهدف إلى ترويض الوعي الجماعي وجعل المظاهر الاستعمارية شيئًا عاديًا ومقبولًا.

إن ما يُروّج له تحت مسمى “مراسم إنزال العلم” ما هو إلا تجسيد لإرادة استعمارية لا تزال تتشبث بالبقاء في أرض لا تنتمي إليها، محاولةً تجميل واقع الاحتلال باحتفالات وشعارات جوفاء. غير أن هذا الواقع لن يُغيّب حقيقة أن مليلية مدينة مغربية، وأن التاريخ والجغرافيا والهوية الثقافية واللسانية تشهد على ذلك.

من هنا، فإن الرد الحقيقي على مثل هذه المظاهر يتمثل في الوعي السياسي والتاريخي، وفي التمسك بمطلب استرجاع المدينتين المحتلتين مليلية وسبتة، كجزء لا يتجزأ من استكمال السيادة المغربية.

ولئن استمر الإسبان في إنزال أعلامهم كل شهر، فإن الأمل سيبقى معقودًا على اليوم الذي يُرفع فيه العلم المغربي فوق أسوار مليلية وسبتة، في صمت العز لا صخب الاستعراض.

09/05/2025

Related Posts