في مؤشر جديد على تغيّر موازين التحالفات الدولية داخل القارة الإفريقية، استثنت موسكو الجزائر من قائمة الدول المدعوّة رسميًا لحضور احتفالات “يوم النصر” التي نُظمت في 9 مايو 2025، وهي مناسبة ذات رمزية كبرى تحرص روسيا على إحيائها سنويًا بحضور شركائها الاستراتيجيين.
غياب الجزائر، التي طالما كانت تُصنف ضمن الحلفاء التقليديين لروسيا في المنطقة، لم يمرّ دون انتباه. فقد اختارت موسكو توجيه الدعوة إلى قادة دول الساحل، وتحديدًا رؤساء النيجر ومالي وبوركينا فاسو، الذين حضروا الحدث بحفاوة لافتة ومكانة رمزية واضحة، ما اعتُبر رسالة دبلوماسية لا تخلو من المعاني السياسية العميقة.
هذا التحوّل في قائمة الضيوف يعكس بوضوح إعادة رسم خارطة النفوذ الروسي في إفريقيا، وترجيح كفّة العواصم التي تُظهر التزامًا أوضح بالمواقف الروسية، لا سيما في ظل المستجدات الجيوسياسية العالمية، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا وإعادة تشكيل المحاور الدولية.
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لم يُخفِ دلالة هذا التحول، حين صرّح قائلاً: “نحن نقيّم المواقف، ونثمّن الشراكات التي تُترجم على أرض الواقع”، وهي عبارة حملت في طيّاتها انتقادًا مبطّنًا لما تُوصف به السياسة الخارجية الجزائرية من غموض وتردد في الملفات الحاسمة.
إقصاء الجزائر من هذا الحدث لم يكن مجرّد سهو بروتوكولي، بل يعكس -وفق محللين- تراجعًا واضحًا في مكانتها الدبلوماسية الإقليمية والدولية، ويشير إلى بداية عزلة سياسية متزايدة تعيشها الجزائر حتى في محيطها الاستراتيجي. فبعد أن كانت تُعد شريكًا مفضّلاً لموسكو في المنطقة، يبدو أنها تخسر تدريجيًا هذا الامتياز لصالح قوى جديدة تملأ الفراغ بسياسات أكثر جرأة وانخراطًا.
ورغم الصمت الرسمي الجزائري إزاء هذا التغييب اللافت، إلا أن متابعين يرون فيه “رسالة قاسية” تحمل في طياتها مؤشرات على تراجع الهيبة الإقليمية، وضعف الحضور في المحافل الدولية الكبرى، في وقت تعزز فيه دول الساحل مواقعها كحلفاء صاعدين في الرؤية الروسية الجديدة لأفريقيا.
هكذا، وفي خضم إعادة تشكيل المحاور والتحالفات، يتأكد أن مَن لا يمتلك موقفًا واضحًا، يخسر وزنه تدريجيًا، حتى من بين حلفائه القدامى.
10/05/2025