أكّد إدواردو سيرا ريخاش، وزير الدفاع الإسباني السابق في حكومتي فيليبي غونناليس وخوسيه ماريا أثنار، على أهمية المغرب بالنسبة لإسبانيا، وخاصة في الجبهة الجنوبية، في ظل التحولات الجيو سياسية الراهنة. ودعا الوزير السابق إلى ضرورة الحفاظ على علاقات جيدة ومستقرة مع المملكة المغربية.
وجاء ذلك خلال مؤتمر بعنوان “الجيوسياسة في عالم متغير”، نظمته جمعية التقدم الإداري (APD) في عاصمة جزر الكناري، حيث قدّم تحليلاً شاملاً للوضع الجيوسياسي الراهن.
وقال سيرا : “الخلاصة المحلية هي أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت إسبانيا، وخاصة جزر الكناري، في المؤخرة، فروسيا كانت بعيدة عنا … أما الآن، فسنصبح بشكل متزايد في المقدمة. وأعتقد أن جزر الكناري لديها القدرة على تنبيه حكومة مدريد لتوجيه كل الاهتمام نحو الجنوب، ويجب علينا القيام بذلك في أقرب وقت ممكن.”
وأضاف: “جزر الكناري لها هذا الدور، فهي الشاهد الأقرب، الذي يُحذّر الحكومة الوطنية بضرورة التركيز على العلاقات مع المغرب، وعلى سبتة ومليلية، وكل هذه القضايا، لأن الخطوة التالية لدولة توسعية كالمغرب ستكون نحو جزر الكناري. ولهذا، أعتقد أنه من مصلحة جزر الكناري، لسببين، أن نحسّن العلاقات مع المغرب، وأن تبقى سبتة ومليلية إسبانيتين.”
تصريحات الوزير السابق تعكس وعياً متنامياً لدى بعض النخب الإسبانية بأهمية المغرب كشريك استراتيجي، وتتقاطع جزئياً مع الرؤية المغربية القائمة على بناء علاقات حسن الجوار على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
فمن منظور مغربي، تُعدّ جزر الكناري ليست فقط أقرب نقطة أوروبية إلى شمال إفريقيا، بل بوابة للتعاون الإقليمي في مجالات حيوية، مثل الأمن البحري، ومكافحة الهجرة غير النظامية، والتنمية الاقتصادية المستدامة، وذلك في إطار شراكة رابح-رابح. وبالتالي، فإن دعوة سيرا إلى توجيه اهتمام مدريد نحو الجنوب، ينبغي ألا تُفهم في سياق “الخطر التوسعي”، بل في إطار الفرص الجيوسياسية التي تُتيحها علاقة مستقرة ومتقدمة مع المغرب، الحليف الأول لإسبانيا في القارة الإفريقية.
وفي هذا السياق، فإن تحسين العلاقات مع المغرب لا يمثل مجرد مصلحة لجزر الكناري فحسب، بل ضرورة جيوسياسية لإسبانيا برمتها، لتعزيز التعاون في قضايا الهجرة، والطاقات المتجددة، والأمن الإقليمي.
غير أن ختام تصريح سيرا، حين يشدد على “ضرورة بقاء سبتة ومليلية إسبانيتين”، يكشف عن بقايا عقلية استعمارية لم تتجاوز بعد مفاهيم القرن الماضي. فالإصرار على اعتبار المدينتين “إسبانيتين” وكأن الأمر محسوم، يتجاهل حقيقة أن المدينتين لا تزالان تحت الاحتلال الإسباني، ومحل مطالبة رسمية ومشروعة من المغرب باسترجاع سيادته عليهما.
خطابات كهذه، وإن حاولت أن تبدو عقلانية، إلا أنها تظل محملة بإرث استعماري تجاوزه الزمن، ويُفترض أن تراجعها النخب السياسية الإسبانية بجرأة ومسؤولية تاريخية.
10/05/2025