في عمق جبال الريف، حيث تتنفس الطبيعة عبق التاريخ وتنبض القرى بالحياة البسيطة، هناك مأساة صامتة تتفاقم يومًا بعد يوم، تهدد أرواح السكان العابرين والمقيمين على حد سواء. الطريق الرابط بين إمزورن، بركم، لوطا، وتماسينت بإقليم الحسيمة لم يعد مجرد وسيلة للعبور، بل تحول إلى شريط من الخطر المتواصل، ينذر بكارثة إنسانية إن لم يُتدخل على وجه السرعة.
المقطع الطرقي يعاني من خسف أرضي مرعب، يُشكّل فجوات يمكن أن تبتلع السيارات فجأة، دون سابق إنذار. الأرض هناك لم تعد مستقرة، والحواجز الطارئة التي وُضعت بشكل عشوائي لا تزيد إلا من تعقيد الوضع. إنها حواجز لا تحذر، بل تباغت. في كل مرة تمر من هناك، تكون كأنك تخوض مغامرة محفوفة بالمخاطر، لا تدري إن كنت ستصل أم ستضاف إلى قائمة الضحايا الصامتين الذين ابتلعهم الطريق.
والأخطر من كل هذا: الغياب التام لأي تدخل رسمي. لا علامات تحذيرية، لا إشارات تنظيمية، لا صيانة دورية، ولا حتى إنارة في المقاطع التي يغمرها الظلام ليلاً. مواطنون يغامرون بحياتهم كل يوم، طلبة، مرضى، عاملون، وعائلات بأكملها تتنقل وسط هذا الجحيم اليومي، وسط صمت مريب من الجهات المسؤولة.
أين الخطة الوطنية لتأهيل البنية التحتية؟ أين المجالس المنتخبة من معاناة ناخبيها؟ هل يجب أن تقع الكارثة الكبرى ليُفتح الملف وتُدب الحياة في التحذيرات المتكررة التي أطلقها السكان المحليون والإعلام الإقليمي؟
الطريق بين إمزورن وتمسامنت لم تعد مسألة تنقل فقط، بل أصبحت معركة يومية من أجل البقاء، تتطلب تحركًا فوريًا، حازمًا، وشجاعًا من كل المعنيين بالأمر. حياة الناس لا يمكن أن تظل رهينة للتجاهل والتقاعس. إن سلامة مستعملي الطريق مسؤولية جماعية .
10/05/2025