في مشهدٍ سرياليٍّ لا يحتاج لا لعدسات ولا لتقنيات “الفوتوشوب”، بل يكفي أن تمرَّ قرب المدار المعروف بـ”بكار”، عند أطالايون، في النفوذ الترابي لجماعة بني انصار، لتكتشف ملحمة بيئية جديدة تُسَطَّر على مرمى حجر من مشروع “مارتشيكا ميد” الخرافي… نعم، الخرافي، ولا عيب في ذلك، فكل ما فيه أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، حتى وإن كان الواقع – للأسف – متراكماً على شكل أطنان من مخلفات البناء.
بين أكوام الإسمنت المتناثر، وحديد الخرسانة المعقوف، وبقايا الأحلام الإسكانية التي لم تجد من يأخذها إلى مطرح قانوني، تصنع السلطات المحلية موقفًا بطوليًا… موقف المتفرج! وكأن البيئة لا تعنيها، وكأن القانون مجرد توصية تُقرأ في الندوات وتُنسى في الميدان.
هنا، حيث يفترض أن تعكس مارتشيكا وجهًا مشرقًا للتنمية المستدامة، وواجهة حضارية على المتوسط، نجد أن “الزينة” تكتمل بتراكم نفايات البناء، في مشهدٍ لا يقل عن لوحة فنية بائسة، قد تستحق عرضها في متحف للجرائم البيئية.
المضحك المبكي أن فلسفة “مارتشيكا ميد”، التي بُنيت على شعارات مثل “البيئة أولًا” و”تنمية خضراء”، تتهاوى أمام شاحنة تفرغ حمولتها بلا حسيب ولا رقيب، وكأن تلك الشعارات قد صيغت لتزيين جدران المكاتب فقط، لا لتُطبَّق على الأرض.
فهل تنتظر الجهات المسؤولة أن تنبت الأشجار فوق هذه التلال الخرسانية؟ أم أننا سنكتشف قريبًا مشروعًا جديدًا تحت مسمى “متحف نفايات مارتشيكا” يدرج ضمن “التراث غير المادي” للجهة؟ وإلى حين تستفيق الضمائر… تبقى النفايات شامخة، والبيئة تختنق، ونحن نكتب !