إمزورن – كواليس الريف :
تشهد مدينة إمزورن، أقليم الحسيمة ، تحولات اجتماعية وأمنية خطيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، أبرزها تفشي ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات بشكل غير مسبوق، ما بات يهدد أمن وسلامة المجتمع، ويطرح تساؤلات جدية حول دور السلطات الأمنية والمحلية في التصدي لهذه الآفة.
وبحسب شهادات متطابقة من سكان محليين وفاعلين مدنيين، فإن الظاهرة لم تعد تقتصر على الاستهلاك الفردي، بل تحوّلت إلى نشاط منظم تشرف عليه شبكات قوية، يُعتقد أن لها علاقات متشابكة مع بعض الأطراف النافذة داخل المدينة والإقليم .
تشير المعطيات الميدانية إلى تزايد أنواع المخدرات المتداولة في إمزورن، وعلى رأسها مخدر “الشيرا” (الحشيش)، “البوفة” (اللصاق الطيّار)، والأقراص المهلوسة بمختلف تسمياتها، إضافة إلى مواد أكثر خطورة مثل الكوكايين والهيروين.
وتُباع هذه المواد بشكل علني في عدة أحياء شعبية ومحيط المؤسسات التعليمية، دون أي تدخل يُذكر من الجهات الأمنية، رغم معرفة العامة بالمناطق المعروفة بترويج المخدرات.
ويؤكد عدد من السكان أن السلطات الأمنية على علم تام بالأماكن التي تنشط فيها تجارة المخدرات، لكنها تلتزم الصمت، بل وتُتهم في بعض الحالات بالتواطؤ أو التغاضي المقصود. وتزداد الشبهات حين يُذكر أن مسؤولًا أمنيًا بارزًا بالمدينة يُعرف بعلاقاته المتينة مع عدد من أباطرة المخدرات المحليين.
ورغم حساسية هذه الاتهامات، إلا أن غياب تحركات حقيقية من الجهات الرسمية يزيد من حدة الغضب الشعبي ويؤكد المخاوف بشأن “شبكات الحماية المتبادلة” بين الجريمة والسلطة.
الآثار المترتبة على الظاهرة لم تتأخر في الظهور، إذ سُجّل ارتفاع ملحوظ في معدلات الإدمان وسط فئة الشباب، وازدياد الجريمة، خاصة السرقات والاعتداءات، فضلًا عن تفكك عدد من الأسر نتيجة تورط أفرادها في الاستهلاك أو الترويج، في وقت تندر فيه مراكز العلاج وإعادة الإدماج.
كما أشار بعض الفاعلين الجمعويين إلى أن عشرات الشباب تركوا مقاعد الدراسة أو فقدوا فرص عملهم بسبب التورط في دوامة المخدرات، ما يزيد من حدة الهشاشة الاجتماعية التي تعاني منها المدينة أصلًا.
ورغم أن القانون المغربي واضح في تجريمه لترويج واستهلاك المخدرات، خاصة بموجب الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 الصادر بتاريخ 21 ماي 1974، فإن تطبيقه في إمزورن يبدو غير متكافئ، إن لم يكن غائبًا، بحسب العديد من المتابعين.
ويعتبر حقوقيون أن التراخي في تطبيق القانون يشجع على مزيد من التمادي، بل ويساهم في تعميق الشعور بالإفلات من العقاب، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم الاجتماعي.
في خضم هذا الوضع، دعا ناشطون وجمعيات محلية إلى فتح تحقيق عاجل في أسباب تفشي الظاهرة، والتقصير الأمني المصاحب لها، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في حماية أو تسهيل أنشطة إجرامية، كيفما كانت صفته.
كما طالبوا بإصلاح الأجهزة الأمنية في المدينة، وزيادة مواردها البشرية ، وتوسيع حملات التوعية، ودعم مؤسسات العلاج النفسي والاجتماعي، بما يضمن وقاية المجتمع من الانهيار التدريجي.
13/05/2025