تواجه المملكة المغربية أزمة مائية متفاقمة، مع تواتر فترات الجفاف وتراجع ملحوظ في مخزون الموارد المائية، ما دفع السلطات إلى تبني خطة وطنية تستهدف تقنين استعمال المياه في المجال الفلاحي. الخطة، التي أعدّتها وزارة الفلاحة بتنسيق مع وزارة الداخلية، تتضمن إجراءات صارمة من قبيل إغلاق الآبار غير المرخصة وفرض تركيب عدادات لقياس كميات المياه المستعملة، في خطوة تهدف إلى كبح الاستغلال العشوائي للفرشة المائية وتحقيق توزيع عادل للموارد بين الجهات.
ورغم أن هذه التدابير تندرج ضمن مجهودات الدولة لضمان الأمن المائي ومواجهة التغيرات المناخية، إلا أنها خلّفت موجة من الامتعاض في صفوف الفلاحين، خاصة الصغار منهم، الذين يرون في القرارات عبئاً إضافياً يزيد من هشاشتهم الاقتصادية. فالحسين، فلاح من منطقة الغرب، عبّر عن رفضه لما وصفه بالإجراء “القاسي”، داعياً إلى مواكبة هذه القرارات بسياسات دعم فعالة، تشمل المساعدات المالية والتقنية، بدل الاكتفاء بنهج زجري قد يعمق أزمة الثقة بين الفلاحين والسلطات، ويهدد بانفجار احتجاجات في المناطق الأكثر تضرراً.
من جهته، شدد نجيب مفتاحي، عضو رابطة “يد الفلاح” وخبير السياسات الفلاحية، على أن ترشيد استعمال المياه بات أمراً لا مفر منه، لكنه اعتبر أن نجاح هذه الاستراتيجية رهين بمقاربة شاملة تراعي التوازن بين الاستدامة البيئية واستمرارية الأنشطة الفلاحية. وأوضح أن العدالة المائية لن تتحقق فقط من خلال فرض العدادات أو إغلاق الآبار، بل بإرساء ثقافة جديدة في تدبير المياه، تشجع الزراعات ذات الاستهلاك المحدود وتوظف الابتكار، مع ضرورة إشراك فعلي للفلاحين المحليين في صياغة وتنفيذ السياسات، بما يضمن نجاعة الحلول وملاءمتها لخصوصيات كل منطقة.
13/05/2025