kawalisrif@hotmail.com

قانون الهجرة الجديد في إسبانيا يعمّق القلق بين آلاف المهاجرين القانونيين من فقدان أوراق إقامتهم

قانون الهجرة الجديد في إسبانيا يعمّق القلق بين آلاف المهاجرين القانونيين من فقدان أوراق إقامتهم

بينما تستعد الحكومة الإسبانية لتطبيق تعديل جديد على قانون الهجرة في 20 ماي الجاري ، يعيش آلاف المهاجرين في إقليم الباسك حالة من الترقب والخوف من أن تتحول إقامتهم القانونية إلى “وضع غير نظامي” بين ليلة وضحاها، رغم استقرارهم وعملهم لسنوات في البلاد. ويأتي هذا التعديل في وقتٍ تتواصل فيه موجات الهجرة إلى الإقليم، خاصة من دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا، مما يزيد من تعقيد الواقعين الاجتماعي والقانوني.

من بين هؤلاء، باولا أورمينيو، لاجئة بيروفية تقيم في مدينة إيرون منذ عامين. فرت من العنف في بلدها بحثًا عن الأمان والاستقرار لأطفالها، أحدهما مصاب بالتوحد. تقول باولا: “رفضوا طلبنا دون توضيح. وإذا قدمنا اعتراضًا، سندخل في حالة غير قانونية. نحن نعمل وندفع الضرائب، فكيف سنعيش؟”.

قصتها ليست استثناءً، بل نموذجًا لمعاناة آلاف الأشخاص الذين باتوا اليوم مهددين بفقدان وضعهم القانوني، بسبب تعديل تشريعي يحمل في ظاهره تحسينات، لكنه يخفي في جوهره صعوبات جديدة تمسّ الفئات الأكثر هشاشة.

تشير الأرقام الرسمية إلى حجم الضغط الذي يشهده إقليم الباسك في ملف الهجرة:

-4,853 طلب لجوء قُدّم في عام 2023

-1,063 من هذه الطلبات سُجلت في مدينة دونوستيا وحدها

-2,950 طلبًا جديدًا خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024

-الإقليم يحتل المرتبة الرابعة على مستوى إسبانيا من حيث عدد طلبات اللجوء

هذه المعطيات توضّح أن المنطقة لم تعد مجرّد نقطة عبور، بل أصبحت ملاذًا دائمًا للعديد من الباحثين عن الاستقرار، ما يجعل أي تغيير قانوني مؤثرًا بشكل مباشر على حياتهم اليومية.

ورغم ترويج الحكومة لهذا التعديل باعتباره “خطوة تقدمية” تهدف إلى تنظيم ملفات الهجرة، فإن منظمات حقوقية وخبراء قانونيين يحذرون من تداعيات المادة 126 ب، التي تنص على إلغاء احتساب فترة انتظار البتّ في طلب اللجوء ضمن شروط الحصول على الإقامة عبر “الجذور الاجتماعية” (أرايغو).

ويعني ذلك أن المهاجر الذي يُرفض طلب لجوئه، لن يتمكن من تسوية وضعيته القانونية إلا بعد قضاء سنتين إضافيتين في البلاد دون وضع قانوني. وهو ما يدفع الكثيرين إلى التخلي عن طلبات اللجوء حفاظًا على تصريح الإقامة – الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى فقدان تصريح العمل، وبالتالي فقدان مصدر الدخل والاستقرار.

في هذا السياق، يحذر المحامي ميغل مازكياران، من منظمة SOS Racismo، من أن “التعديل الجديد يعاقب المهاجرين الذين التزموا بالقوانين وسعوا للاندماج في المجتمع”. ويضيف: “آلاف الأشخاص سيفقدون حقوقهم فجأة، بينما تروّج الحكومة لهذا الإصلاح على أنه انتصار اجتماعي”.

وتؤكد منظمات المجتمع المدني أن التعديل لا يأخذ بعين الاعتبار واقع العائلات والأفراد الذين أمضوا سنوات في البلاد، ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، ويساهمون اقتصاديًا واجتماعيًا في المجتمعات المضيفة.

وفي ظل هذا الغموض القانوني والاجتماعي، يجد أكثر من 7 آلاف مهاجر في إقليم الباسك أنفسهم اليوم أمام خيارات صعبة: إما المجازفة بتقديم طلب لجوء مع احتمال الرفض، أو التخلي عنه والبقاء في الظل، محرومين من العمل ومن أبسط الحقوق الأساسية.

وبينما تواصل الحكومة الدفاع عن التعديل باعتباره جزءًا من “سياسة هجرة فعّالة وعادلة”، يبقى صوت المهاجرين والمنظمات الحقوقية مرتفعًا، مطالبًا بقوانين أكثر إنصافًا، توازن بين متطلبات السيادة الوطنية وكرامة الإنسان.

14/05/2025

Related Posts