kawalisrif@hotmail.com

“فرنسا وإسبانيا وحرب الريف”: ترجمة جديدة تروي شهادة والتر هاريس على المغرب الملتهب

“فرنسا وإسبانيا وحرب الريف”: ترجمة جديدة تروي شهادة والتر هاريس على المغرب الملتهب

صدرت حديثاً الترجمة العربية لكتاب “فرنسا وإسبانيا وحرب الريف” للكاتب والصحافي البريطاني والتر هاريس، الذي ارتبط مصيره بمدينة طنجة حيث قضى جلّ حياته. هذا العمل، الذي ترجمه الباحث حسن الزكري ونشره مركز جسور للدراسات التاريخية والاجتماعية، يمثل الترجمة الثالثة للزكري لأعمال هاريس بعد “المغرب الذي كان” و”أرض سلطان إفريقي”. يغوص الكتاب في أعماق المغرب قبيل الاستعمار وخلال حرب الريف، موثقاً من منظور شاهد عيان تفاصيل الصراعات الأوروبية والمقاومة المحلية، عبر ثلاثة عشر فصلاً تستعرض التوترات السياسية والاجتماعية التي شهدها المغرب في مطلع القرن العشرين.

والتر هاريس، المولود في لندن عام 1866، استقر في طنجة منذ 1887 بعد مرافقته بعثة دبلوماسية بريطانية إلى مراكش. عمل مراسلاً لصحيفة “التايمز”، ونال مكانة مرموقة في المجتمع الطنجي، رغم عزلته في فيلا خارج المدينة التي غادرها بعد محاولتي اختطاف، إحداهما على يد الريسوني. كان هاريس حلقة وصل بين النخب المغربية والقوى الاستعمارية، صديقاً للسلاطين الأخيرين للمغرب المستقل، ومقرباً من شخصيات مثل أحمد الريسوني ومحمد بن عبد الكريم الخطابي، فضلاً عن علاقته الوثيقة بالمارشال ليوطي. مذكراته وتقاريره، التي دونها في كتبه، تقدم وصفاً غنياً للمغرب وتحولاته، مع تحليلات تعكس رؤية غربية لتلك الحقبة.

يبرز الكتاب، المنشور أصلياً عام 1927، كوثيقة تاريخية نادرة لأنه كتب بعد عام واحد من انتهاء حرب الريف، مستنداً إلى مراسلات هاريس مع أطراف النزاع، بما فيها الخطابي. يتناول الاتفاق الودي بين فرنسا وبريطانيا عام 1904، وتفاصيل التدخل الإسباني والفرنسي في الريف وجبالة، مع التركيز على فاجعة أنوال وحصار شفشاون وإنزال الحسيمة عام 1925. رغم جدية السرد، تظهر تحيزات هاريس للحداثة الأوروبية، متجاهلاً إصلاحات الخطابي التحديثية. يظل الكتاب شهادة حية، تجمع بين التوثيق التاريخي والتحليل السياسي، ومادة غنية للباحثين في تاريخ المغرب وديناميات الاستعمار.

15/05/2025

Related Posts